وفي صفحة [6] ذكر رحمه الله أن قواعد الطب ثلاثة، قال: " وذلك أن قواعد طب الأبدان ثلاثة: حفظ الصحة، والحمية عن المؤذي، واستفراغ المواد الفاسدة -أي: إخراجها- فذكر الله سبحانه هذه الأصول الثلاثة، في هذه المواضع الثلاثة.
فقال في آية الصوم: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:184] فأباح الفطر للمريض لعذر المرض، وللمسافر طلباً لحفظ صحته وقوته، لئلا يذهبها الصوم في السفر إلى أن قال: وقال في آية الحج: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة:196] فأباح للمريض، ومن به أذى من رأسه، من قمل أو حكة أو غيرهما، أن يحلق رأسه في الإحرام، استفراغاً لمادة الأبخرة الرديئة، التي أوجبت له الأذى في رأسه باحتقانها تحت الشعر، إلى أن قال: وأما الحمية فقال تعالى في آية الوضوء: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً} [النساء:43] فأباح للمريض العدول عن الماء إلى التراب حميةً له أن يصيب جسده ما يؤذيه، وهذا تنبيه على الحمية عن كل مؤذٍ له من داخل أو خارج.
خلاصة كلامه رحمه الله أنه قال: إن قواعد الطب الثلاث- التي هي: حفظ الصحة، والحمية، واستفراغ المواد الفاسدة، كلها مذكورة في القرآن الكريم.