في صفحة [101،100] ذكر أهمية الاعتقاد في الدواء، فقال: ويجوز نفع التمر المذكور في بعض السموم، فيكون الحديث من العام المخصوص، ويجوز نفعه لخاصية تلك البلد، وتلك التربة الخاصة من كل سم، ولكن هاهنا أمر لابد من بيانه، وهو: أن من شرط انتفاع العليل بالدواء قبوله، واعتقاد النفع به، فتقبله الطبيعة، فتستعين به على دفع العلة، حتى إن كثيراً من المعالجات ينفع بالاعتقاد، وحسن القبول، وكمال التلقي، وقد شاهد الناس من ذلك عجائب، وهذا لأن الطبيعة يشتد قبولها له وتفرح النفس به، فتنتعش القوة، ويقوى سلطان الطبيعة، وينبعث الحار الغريزي إلى آخره.
وهذا ما يسمونه بالعلاج النفسي في هذا العصر، فالإنسان إذا كان عنده قناعة بالعلاج وبالطب نفعه بإذن الله، وإذا لم يكن لديه قناعة فلا ينفع.
ولذلك تجد بعض الناس إذا ذهبوا إلى رجل يثقون فيه، ويطمئنون به، فقرأ عليهم فإنه بإذن الله ينتفعون بقراءته، ليس كله فقط لصلاح هذا الرجل أو لا، ولكن لذلك، ولكون هؤلاء اعتقدوا به فنفعهم هذا الاعتقاد.
ولذلك يحكى أن رجلاً كان في الشام في دمشق جالساً مع بعض تلاميذه، فجاءته امرأة كانت تعتقد به وتعظمه فقالت له: إن بيني وبين زوجي مشاكل وخصومات وأشياء كثيرة، فأريد أن تكتب لي ورقة لعل الله أن ينفعني بها، فكتب لها ورقة جعل فيها آية من القرآن الكريم {قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّه} [آل عمران:154] أو نحو ذلك، ثم طواها وأعطاها إياها، على سبيل تطييب خاطرها، فبعد فترة جاءته وهي تدعو له، وقالت: جزاك الله خيراً قد انتفعت بهذه الورقة، وزال ما بيني وبين زوجي من المشكلات …إلى آخره، فكشف الورقة لتلاميذه وأخبرهم ما فيها.