وفي صفحة [119،118] ذكر أن العسل قد يضر أحياناً يقول: " وأما العادة فلأنها كالطبيعة للإنسان، ولذلك يقال: العادة طبع ثانٍ، وهي قوة عظيمة في البدن؛ حتى إن أمراً واحداً إذا قيس إلى أبدان مختلفة العادات كان مختلف النسبة إليها، مثال ذلك: أبدان ثلاثة حارة المزاج في سن الشباب، أحدها: عُوَّد تناول الأشياء الحارة، والثاني: عود تناول الأشياء الباردة، والثالث: عود تناول الأشياء المتوسطة، فإن الأول -أي الذي عود تناول الأشياء الحارة- متى تناول عسلاً لم يضر به، والثاني: متى تناوله أضر به، والثالث: يضر به قليلاً " فأشار إلى أن العسل قد يضر بعض الأبدان، وإن كان الله عز وجل وصفه بأنه شفاء، فهو شفاء كما وصفه الله؛ لكن لا يلزم أن يكون شفاء لكل مرض على الإطلاق.
ولذلك فإن بعض أهل العلم سئل عمن به السكر، فإذا تناول العسل قد يضره ويزيد من مرضه، فهل يتناوله؟ فقال: نعم يتناوله واحتج بقوله تعالى: {فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} [النحل:69] .
وفي هذا -فيما يظهر لي والله تعالى أعلم- نظر! لأن كون العسل فيه شفاء للناس، هذا لا شك فيه، فهو شفاء؛ لكن لا يلزم أن يكون شفاء لكل دواء، ولكل شخص، وهذا من المعلوم بالضرورة، فإن الرسول ذكر أنواع أخرى من العلاجات غير العسل، ولو كان العسل علاجاً لكل شيء، لما احتاج إلى أن يذكر معه غيره.