ما حرم تحريم الوسائل يباح للحاجة

في صفحة [242] ذكر فائدة أراها مهمة جداً، قال وهو يتكلم عن المحرم الذي نهاه النبي صلى الله عليه وسلم أن يقرب طيباً، قال: " وإذا كان النبي صلى الله وعليه وسلم، قد نهى أن يقرب طيباً أو يمس به، تناول ذلك الرأس والبدن والثياب، وأما شمه من غير مسَّ، فإنما حرمه من حرمه بالقياس، وإلا فلفظ النهي لا يتناوله بصريحة، ولا إجماع معلوم فيه يجب المصير إليه، ولكن تحريمه من باب تحريم الوسائل، فإن شمه يدعو إلى ملامسته في البدن والثياب، كما يحرم النظر إلى الأجنبية؛ لأنه وسيلة إلى غيره، وما حرم تحريم الوسائل؛ فإنه يباح للحاجة، أو المصلحة الراجحة " هذه يجب أن تحفظوها يا إخوان - قال: كما يباح النظر إلى الأمة المستامة والمخطوبة ومن شهد عليها، أو يعاملها أو يَطُبُها.

الشاهد أنه قال: " وما حرم تحريم الوسائل، فإنه يباح للحاجة، ويباح للمصلحة الراجحة " طبعاً ومن باب الأولى أنه يباح للضرورة، نقول ما حرم تحريم الوسائل، يباح للضرورة، والحاجة والمصلحة الراجحة، وعلى هذا تنحل إشكالات كثيرة، وهذه القاعدة ذكرها ابن القيم في عدة مواضع، ذكرها أيضاً في إعلام الموقعين، وذكرها في مواضع أخرى من زاد المعاد وبالقاعدة هذه تندفع إشكالات كثيرة على بعض الناس الذين تلتبس عليهم أمور اليوم، فمثلاً قضية التصوير عند من يقول بتحريمه هو محرم تحريم وسيلة، لا تحريم غاية، فهو حينئذٍ يباح للضرورة والحاجة والمصلحة الراجحة، فإذا اضطر الإنسان إلى ذلك، كما يصور الإنسان لاستخراج بطاقة، أو رخصة أو شهادة، أو لحاجة إلى ذلك، ولو لم تصل إلى حد الضرورة، أو لمصلحة راجحة فيها نفع ظاهر يربو ويزيد على المفسدة الموجودة، فمثل هذا الحال يفتي العلماء بجواز ذلك، ولذلك تجد أن سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز على رغم أنه يشدد في مسألة التصوير، حتى أنه يقول: إنه كبيرة من كبائر الذنوب.

بل صدرت بذلك فتوى من هيئة كبار العلماء، تقول: إن التصوير كبيرة من كبائر الذنوب، ومع ذلك فإن الشيخ رحمه الله يجيز التصوير للحاجة والمصلحة، فضلاً عن الضرورة، وقد سئل عن مسائل عديدة، يكون في التصوير فيها مصلحة، لنشر الخير أو تعميمه بين الناس، أو مدافعة الفساد، فقال بأن هذا حسن ولا بأس فيه، وقد سمعت هذا منه بأذني أكثر من مرة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015