في صفحة [256] ذكر المواضع التي يشرع فيها الدعاء في الصلاة، فقال: "وأما المواضع التي كان يدعو فيها النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة فسبعة مواطن.
أحدها: بعد تكبيرة الإحرام في محل الاستفتاح.
الثاني: قبل الركوع وبعد الفراغ من القراءة في الوتر، والقنوت العارض في الصبح قبل الركوع إن صح ذلك فإن فيه نظراً.
الثالث: بعد الاعتدال من الركوع كما ثبت ذلك في صحيح مسلم، من حديث عبد الله بن أبي أوفى {كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا رفع رأسه من الركوع قال: سمع الله لمن حمده، اللهم ربنا لك الحمد ملء السماوات، وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد، اللهم طهرني بالثلج والبرد والماء البارد، اللهم طهرني من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الوسخ} .
الموضع الرابع: في ركوعه كان يقول: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي.
الخامس: في سجوده وكان فيه غالب دعائه.
السادس: بين السجدتين.
السابع: بعد التشهد وقبل السلام، وبذلك أمر في حديث أبي هريرة وحديث فضالة بن عبيد.
وأمر أيضاً بالدعاء في السجود: قال: وأما الدعاء بعد السلام من الصلاة مستقبل القبلة أو مستقبل المأمومين، فلم يكن ذلك من هدية صلى الله عليه وسلم أصلاً، ولا روي عنه بإسناد صحيح ولا حسن، أما تخصيص ذلك بصلاة الفجر والعصر؛ فلم يفعل ذلك هو ولا أحدٌ من خلفائه، ولا أرشد إليه أمته؛ وإنما هو استحسان رآه من رآه عوضاً من السنة بعدهما، والله أعلم".
ولذلك: علم أن رفع اليدين في الدعاء بعد الفريضة بدعة، لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك محافظة الناس على رفعهما بعد السنة والتزام ذلك على اعتقاد أنه وارد ومأثور، فإنه ليس بوارد، فإما أن يقال: إنه غير جائز، أو يقال: إن الأولى تركه لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم، والدعاء في صلب الصلاة أولى من الدعاء خارجها، وإن كان الدعاء بعد الصلاة، أعني الفريضة، ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما في الصحيح: أنه كان يستغفر ثلاثاً بعد السلام، وفي حديث معاذ: أنه كان يقول: {اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك} وفي حديث سعد بن أبي وقاص عند البخاري والنسائي: {اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد} .