وفي صفحة [363] ذكر فائدة نافعة، لطالب الحديث، حول طريقة الإمام مسلم رحمه الله في الانتقاء من أحاديث الضعفاء، قال: " وأما حديث ابن عباس رضي الله عنهما {أن رسول الله صلى الله وعليه وسلم، لم يسجد في المفصل منذ تحول إلى المدينة} رواه أبو داود فهو حديث ضعيف، في إسناده الحارث بن عبيد " ثم ذكر الأقوال فيه إلى أن قال: كان يشبهه في سوء الحفظ، محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وعيب على مسلم إخراج حديثه " هذا الكلام نقله ابن القيم عن ابن القطان، ثم عقب عليه ابن القيم بقوله: ولا عيب على مسلم في إخراج حديثه حديث محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى لأنه ينتقي من أحاديث هذا الضرب ما يعلم أنه حفظه، كما يطّرح من أحاديث الثقة، ما يعلم أنه غلط فيه، فغلط في هذا المقام من استدرك عليه إخراج جميع حديث الثقة، ومن ضعف جميع حديث سيئ الحفظ، فالأولى: طريقة الحاكم وأمثاله.
والثانية طريقة أبي محمد بن حزم وأشكاله، وطريقة مسلم هي طريقة أئمة هذا الشأن، يعني كأنه قال: إن الناس ثلاثة أصناف: منهم: من يطرح حديث الراوي الضعيف مطلقاً، ومنهم: يقبل حديث الراوي الثقة مطلقاً، والإمام مسلم كأنه توسط، فكان يأخذ من حديث الراوي الذي فيه ضعف ما يعلم أنه ضبطه، ويترك من حديث الراوي الموثوق ما يعلم أنه غلط فيه، فكانت طريقته وسطاً في هذا.