أمثلة للحديث المقلوب

وفي صفحة [439] ذكر أمثلة للحديث المقلوب، فإنه قال في صفحة [438] في حديث عطية العوفي عن ابن عباس: " كان النبي صلى الله عليه وسلم: {يركع قبل الجمعة أربعاً، لا يفصل بينها في شيء منها} إلى أن قال: هذا الحديث فيه عدة بلايا " فذكر أن بقية بن الوليد إمام المدلسين وقد عنفه، ثم ذكر مبشر بن عبيد منكر الحديث، ثم ذكر أن الحجاج بن أرطأة ضعيف مدلس، ثم ذكر أن عطية العوفي، ضعيف، ثم قال: وقال البيهقي، عطية العوفي لا يحتج به ومبشر بن عبيد الحمصي منسوب إلى وضع الحديث، والحجاج بن أرطأة لا يحتج به، قال بعضهم: ولعل الحديث انقلب على بعض هؤلاء الثلاثة الضعفاء، لعدم ضبطهم وإتقانهم فقال: قبل الجمعة أربعاً، وإنما هو بعد الجمعة، فيكون موافقاً لما ثبت في الصحيح، ونظير هذا: قول الشافعي في رواية عبد الله بن عمر العُمري: {للفارس سهمان، وللراجل سهم} قال الشافعي: كأنه سمع نافعاً يقول: للفرس سهمان وللراجل سهم فقال للفارس سهمان، وللراجل سهم حتى يكون موافقاً لحديث أخيه عبيد الله، قال: وليس يشك أحد من أهل العلم، في تقديم عبيد الله بن عمر على أخيه عبد الله في الحفظ.

قلت - ابن القيم -: ونظير هذا ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية في حديث أبي هريرة: {لا تزال جهنم يلقى فيها، وهي تقول: هل من مزيد؟ حتى يضع رب العزة فيها قدمه، فيزوي بعضها إلى بعض، وتقول: قط قط: وأما الجنة فينشئ الله لها خلقاً} فانقلب على بعض الرواة فقال: {أما النار فينشئ الله لها خلقاً} فهذا أيضاً من المقلوب، قلت - أيضاً من كلامه- ونظير هذا حديث عائشة {إن بلالاً يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم} وهو في الصحيحين فانقلب على بعض الرواة فقال: {إن ابن أم مكتوم يؤذن بليل، فأكلوا واشربوا حتى يؤذن بلال} وهذا للحافظ ابن حجر فيه كلام، في موضوع انقلاب هذا الحديث، وأن فيه نظر، قال: ابن القيم رحمه الله: "ونظيره أيضاً عندي حديث أبي هريرة: {إذا صلى أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه} وأظنه وهم -والله أعلم- فيما قاله رسوله الصادق المصدوق {وليضع ركبتيه قبل يديه} كما قال وائل بن حجر: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه} وقال الخطابي وغيره حديث وائل بن حجر أصح من حديث أبي هريرة " فهذه أمثله للأحاديث المقلوبة في المتن.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015