العقوبات الدينية

هناك عقوبات إلهيةٌ دنيوية كثيرة، يعاقب الله تعالى بها خلقه على ذنوبهم، وعلى معاصيهم، وهي أنواع: النوع الأول: منها عقوبات تتعلق بدين الإنسان: فيعاقب الإنسان على المعصية بعقوبات دينية، مثل قسوة القلب، فربما وقع الإنسان في المعاصي حتى يقسو قلبه، فلا يميزُ معروفاً من منكر، ولا حقاً من باطل، ولا خيراً من شر، ولا هُدىً من ضلال، كما قال الله عز وجل: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين:14] يعني: غلب وغطى عليها ما كانوا يعملون من الأعمال السيئة، حتى كانوا لا يميزون بين الحق والباطل، وكما قال عز وجل: {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [فاطر:8] .

وقال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ} [النمل:4] .

وجاء في بعض الآثار: أن رجلاً من بني إسرائيل قال: يا رب، كم أعصيك ولا تعاقبني، فقيل له: يا عبدي، كم أعاقبك ولا تشعر.

فهذه ميزة العقوبات الدينية، أن الإنسان في كثير من الأحوال قد لا يشعر بأثرها؛ لأنه لا يزال قلبه تغلب عليه المعاصي والذنوب، حتى لا يميز بين صحوة القلب وموته، وبين نوره وظلمته، وبين صحته ومرضه، وفي حديث حذيفة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {تُعرض الفتن على القلوب كعرض الحصير عوداً عوداً، فأيما قلبٍ أشربها -أي: تقبل الفتنة ورضي بها وتشربها وأحبها- نكتت في قلبه نكتةٌ سوداء، وأيما قلب أنكرها نكتت في قلبه نكتةٌ بيضاء؛ حتى تكون القلوب على قلبين: قلب أسود مرباداً، كالكوز مجخياً، لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً إلا ما أشرب من هواه، وقلب أبيض مثل الصفا لا تضره فتنة} فإذا جاءت ذلك القلب الموعظة زلت عن اليمين وعن الشمال، لكن لا يقع فيه شيء؛ لأنه كأس مقلوب، لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً إلا ما أشرب من هواه، فهذه هي العقوبات الدينية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015