قوله عز وجل: (كتب عليكم الصيام)

الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، كما يحب ربنا ويرضى، هو مستحقُّ الحمدِ وأهلُه، وهو أهلُ التقوى وأهلُ المغفرة، فالحمد لله الذي بارك لنا في رجب وشعبان، وبلَّغَنَا رمضان، والصلاة والسلام على رسوله وخليله ومجتباه محمد صلى الله عليه وسلم سيدِ ولد عدنان، وعلى آله وأصحابه الذين كانوا مصابيح الدجى، ونجوم الهدى، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد: فها نحن قد تجاوزنا في هذه الليلة وخلفنا وراء ظهورنا اليوم الأول من شهر رمضان من هذا العام، عام 1413 للهجرة.

أيها الأحبة: يقول الله عزَّ وجلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أياماً معدودات} [البقرة:183-184] إن لنا مع هذه الآية الكريمة -التي هي الأصل في وجوب الصيام على المسلمين جميعاً- وقفات: أولاها: قوله عز وجل: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة:183] فإنه دليل على وجوبه على المسلم البالغ العاقل القادر في هذا الشهر الكريم، فإن الكتابة تعني: الإيجاب، والفرض، والإلزام، والذي كَتَب علينا الصيام بهذه الآية الكريمة، هو الذي كَتَب علينا الصلاة، وهو الذي كتب علينا الحج وهو الذي كَتَب علينا الزكاة، وهو الذي كَتَب علينا الجهاد، وهو الذي كَتَب علينا سائر الأحكام، فحقٌ بمن امتثل أمر الله تعالى في الصيام أن يمتثل أمر الله تعالى في غيره، وألاَّ يفرق بين ما جمع الله تعالى، ولا يجمع بين ما فرَّق الله عزَّ وجلَّ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015