إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين، وسلم تسليمًا كثيرًا.
هذا الدرس الثامن والأربعون من" الدروس العلمية العامة" في ليلة الإثنين 26/جمادى الأولى/ 1412للهجرة.
والعنوان" هموم ملتزمة".
من نعني بكلمة ملتزمة.
إننا نعني بها تلك الفتاة التي آمنت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم نبياً ورسولاً، ورضيت بمنهج الله تعالى وشريعته ديناً ودرباً وطريقاً، فلم ترض بقوانين الشرق والغرب ولا تقاليدها، وإنما رضيت أن تكون أسوتها وقدوتها هن النسوة المؤمنات الصالحات من أمهات المؤمنين ونساء الصحابة والتابعين.
فليست هي تلك الفتاة التي أخذت الدين تقليداً عن آبائها وأجدادها، وهي تشعر أنه عبءٌ ثقيل تتمنى أن تلقيه عن كاهلها صباحاً أو مساءً، ولا تلك الفتاة التي أخذت من دينها بظاهره، وغفلت عن باطنه وحقيقته، فإن الدين كلٌ، مظهر ومخبر، سلوك وعقيدة، ولا ينبغي ولا يجوز للإنسان أن يفرط ببعض الكتاب: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ} [البقرة:85] .
وهذه قصيدة للشاعر العشماوي في وصف بعض التناقض الموجود عند بعض البنات والنسوة، يقول: هذي العيونُ وذلك القدُّ والشيحُ والريحانُ والنَّدُّ من أين جئتِ؟ أَأَنْجَبَتْكِ رؤىً بيضٌ فأنتِ الزهرُ والوردُ قالت وفي أجفانِها كَحَلٌ يُغري وفي كلماتها جِدُّ عربيةٌ حُريتي جَعَلَتْ مني فتاةً مالها ندُّ أغشى بقاعَ الأرضِ ما سَنَحَتْ لي فرصَةٌ بالنفس أعتدُّ عربيةٌ فسألتُ: مسلمةٌ؟ قالت: نعم، ولخالقي الحمدُ! فسألتها والحزن يَعْصِف بي والنارُ في قلبي لها وقْدُ من أين هذا الزِّيُّ ما عَرَفَتْ أرضُ الحجازِ ولا رأت نَجْد?! هذا التبذُّل يا محدّثتي سهمٌ من الإلحاد مرتَدُّ! فتنمَّرَتْ ثم انْثَنَتْ صَلَفًا ولسانُها لسِبابها عَبْدُ قالت: أنا بالنفسِ واثقةٌ حريَّتي دون الهوى سدُّ فأجبتُها والنارُ تَلْفَحُني: أخشى بأن يتناثَرَ العِقدُ! ضِدَّانِ يا أُختاه ما اجتمعا: دينُ الهدى، والكفرُ والصَدُّ والله ما أزْرى بأمتِنا إلا ازدواجٌ ما له حدٌّ!