Q من يصلي عند إمامٍِ جيد الصوت من أجل صوته، ويحاول أن يخشع في الصلاة، ولكنه يخشع قليلاً ثم ينصرف إلى الدنيا، فما رأيكم في ذلك؟
صلى الله عليه وسلم نعم؛ لا حرج للإنسان أن يذهب إلى المسجد الذي يظنه أقرب إلى الخشوع، ليس عليه في ذلك شيء، بل يرجى أن يكون له في كل خطوةٍ حسنة إن شاء الله تعالى، كما وعد النبي صلى الله عليه وسلم.
أما بالنسبة للخشوع، فأولاً: الخشوع مما ينبغي أن يحرص عليه الإنسان، ولهذا قال الله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّداً * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً * وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً} [الإسراء:107-109] .
وذكر الله تعالى هذا في صفات المؤمنين: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون1-2] .
ولكن ما هي الأسباب التي تمنعنا من الخشوع؟ لعل من أعظم الأسباب: كثرة المعاصي!! قال الله تعالى: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين14-15] .
فبعض الناس: إذا اجتمع قلبه وقربت دمعته، جاءه الشيطان يركض، فصور أمام عينيه معصيته يوم كذا وكذا، فتفرق الخشوع من قلبه وزال عنه، حتى إن عينه لا تبض بقطرة، فهذا من شؤم المعاصي والذنوب، فعليك أن تقاومها وتحاربها.
ثم إن الخشوع وحده لا يكفي، ولهذا الله تعالى ذكر وجوهاً خاشعة، وقال: {تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً * تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ * لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ * لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ} [الغاشية4-7] .
فالخشوع لابد معه من إيمان، ولابد معه من اتباع لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولابد معه من إحسان، ولابد معه من عمل، حتى يكون هذا الخشوع مؤثراً.