معالجة الوسواس

السؤال يقول: إني أحبك في الله، وأسأل الله أن يطيل عمرك.

أما بعد: فإني أتشدد في الوضوء، وأغسل يدي ثلاث مرات، وأضيع كثيراً من الماء بسبب أنني غير متأكد من غسلها جيداً، وكذلك جميع الأعضاء.

فما هو الحل؟

صلى الله عليه وسلم أقول الدعاء بإطالة العمر مجرداً لا ينبغي؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: {خيركم من طال عمره وحسن عمله} فطول العمر قد يكون مذموماً، فكثير من الناس كانوا يشتكون من طول أعمارهم كما قال لبيد: ولقد سئمت من الحياة وطولها وسؤال هذا الناس كيف لبيد وقال آخر: إن الثمانين وبلغتها قد أحوجت سمعي إلى ترجمان إنما يدعوا الإنسان بطول العمر مع حسن العمل.

الحل أن تترك هذا العمل، وتتوضأ وضوءاً معتدلاً، وتبتعد عن الوسوسة، والنظر هل يبلغ العضو أو لم يبلغ، فإن لم يبلغ أعيد مرة ثانية.

ومن الطريف في ذلك أن أبا الوفاء بن عقيل الحنبلي، وهو من أئمة الحنابلة، صاحب كتاب الفنون وهو كتاب عظيم، يقال: إنه يصل إلى مئات المجلدات، ومع الأسف الكتاب معظمه مفقود، ويعتبر من أذكياء العالم، جاءه رجل وقال له: إنني أنغمس في البركة، ثم أقول: لا أدري هل اغتسلت أم لا! فقال له: اذهب، فأنت ليس عليك صلاة، ولا عليك وضوء، ولا غسل ولاشيء.

قالوا له: كيف يا إمام -رحمك الله-؟! قال: هذا مجنون! إنسان ينغمس في البركة ولا يدري أهو اغتسل أم لا! هذا مجنون! ولذلك ذكر العلماء كـ الجويني، وابن القيم، والنووي، أن الوسواس لا يكون إلا من خبل في غريزة العقل أو جهل بالدين.

وهناك أسباب أخرى أسباب كثيرة، منها أن الوسواس -أحياناً- قد يرجع إلى سبب عضوي، وقد يرجع إلى حالة نفسية، وقد يرجع إلى أمور أخرى.

على كل حال لقد سبق أن تحدثت عن هذا الموضوع في محاضرة بعنوان "رسالة إلى موسوس" بإمكان الأخ أن يسمعها.

والنصيحة الذهبية التي أنصح بها جميع الموسوسين: أن عليهم أن يتخذوا من أنفسهم موقفاً حازماً وحاسماً، على مدى أسبوع أو عشرة أيام أعلن حالة الطوارئ على نفسي، وأرفض جميع صور الوسواس مهما كان الأمر، ومهما أجلب عليك الشيطان، وقال لك: أنت لم تصل! أنت كافر! يمكن أن تموت وتدخل النار! مهما أوقد الجمر تحتك اصبر، وبعد أقل من أسبوع -أحياناً- ستجد أن الوسواس قد زال بالكلية.

وأنا أقول: قد جربت هذا مع عدد كثير من الشباب ونجح ولله الحمد، حتى أن بعضهم يزول منه بالكلية.

لكن يحتاج ذلك إلى أمر واحد: هو أن تقوي عزيمتك خلال أسبوع أو عشرة أيام في رفض جميع صور الوسواس مهما أجلب عليك الشيطان بخيله ورجله، فإذا أخفقت في هذا، فليس هناك داع أن تطرق أبواب الناس يوماً بعد يوم، لا تضيع الوقت على نفسك والناس.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015