Q فضيلة الشيخ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: كيف تكون الإشارة بالعين مخالفة للأخلاق، أرجو توضيح ذلك؟
صلى الله عليه وسلم الإشارة بالعين -كما في الحديث- لا يلزم أن تكون مخالفة للأخلاق مخالفة تامة، أو منافية لها، بل قد يكون لها ما يدعو إليها في حالات معينة خاصة؛ لكن قصدت أن أشير إلى عظمة المستوى الذي وصل إليه النبي صلى الله عليه وسلم من الخلق، حيث ترفَّع حتى عن الإشارة بالعين، مع أنه ما ورد ما يدل على تحريمها -مثلاً- إذا كانت إشارة يقصد من ورائها الوصول إلى أمر مطلوب أو مباح، لكن الرسول عليه الصلاة والسلام من شدة وضوح شخصيته، وبُعده عن أي وجه من أوجه التأويل، أو الاحتيال؛ تَرَفَّعَ صلى الله عليه وسلم حتى عن هذا، لذلك حصَّل المستوى الذي جعل أعداءه على كثرتهم وشدة خصومتهم لا يجدون ما يعيبونه به صلى الله عليه وسلم، وهكذا يجب على الداعية، خاصة في هذا العصر؛ لأننا نجد أن هذا العصر كثرت فيه القالة عن كثيرٍ من الدعاة.
فتجد كثيراً من الناس يتناولون سير الدعاة والمصلحين ويعيبونهم بالحق تارة، وبالباطل تارات، وقد يقع فعلاً من بعض الدعاة أخطاء، فيستغلها بعض المغرضين، كما تجدون على سبيل المثال أن كثيراً من الناس يقعون في أعراض المشايخ، ويقولون: المشايخ -مثلاً- عندهم مجاملة ومداراة، والمشايخ عندهم كثرة أموال وحب الدنيا، والمشايخ فيهم، المشايخ في أولادهم شيء من الانحراف، إلى غير ذلك من الأشياء التي هي في غالبها باطل، وفي أقلها قد تحمل شيئاً من الحق؛ لكن في المشايخ والعلماء أضعاف أضعاف أضعافها من الخصال المحمودة لا تذكر عند هؤلاء القوم، وفي غيرهم من الناس أضعاف أضعاف أضعافها من الخصال المذمومة لا تُذكر، فهناك من الناس من لا يُذكر إلا فضله وحسنه، وهناك من لا يذكر إلا ما فيه من العيب ولو قل؛ فلذلك الداعية في مثل هذه الظروف عليه أن يحرص على أن يكون واضحاً تمام الوضوح في شخصيته، قدر الإمكان حتى لا يكون هناك أي مدخل للناس للوقيعة فيه، أو النيل من شخصيته.