Q سمعنا كثيراً عما ينذر بخطر كبير؛ ومن ذلك ما يحدث في من يقبض عليهم رجال الهيئة ويعترفون بجرائم خطيرة تنذر بخطر على المجتمع، إلا أن الذهول يصيبنا حين نعلم أن من المسؤولين من يطلق سراحهم لسبب، أو لآخر، ثم يعاقب رجال الهيئة أو يوبخوا، فهل من تعليق على ذلك؟
صلى الله عليه وسلم نسأل الله تعالى أن يهدي القائمين على الهيئات وعلى غيرها في أمور المسلمين إلى أن يقوموا بواجب الأمر بالمعروف والنهي المنكر، فإن الحاكم والسلطان لم يوجد أصلاً إلا لإقامة الدين، وسياسة الدنيا به، فمهمة السلطان والحاكم هي: حراسة الدين، وسياسة الدنيا بالدين.
وبأسلوب آخر: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وليس ثمة مهمة أخرى غير هذه؛ فهي تشمل كل مصالح الناس في دينهم ودنياهم، ولا شك أن العناية بأرزاق الناس من المعروف، ومحاربة الغش من المعروف، ومحاربة الجريمة من المعروف، والعمل على تحقيق الدفاع الاقتصادي من المعروف، والحفاظ على أمن الناس من المعروف، والحرص على إصلاح اجتماع الناس وعلاقاتهم الاجتماعية من المعروف، والسعي إلى تحقيق التقدم العلمي والصناعي من المعروف، وكل ألوان الخير الديني والدنيوي فهو من المعروف الذي أمر الله تبارك وتعالى به ورسوله صلى الله عليه وسلم، وكل ألوان الشر من ظلم الناس، والاعتداء عليهم، وإهانتهم، وبخس حقوقهم، أو الاعتداء على أعراضهم، أو نهب أموالهم وخيراتهم، أو التضييق عليهم في أرزاقهم، أو الاعتداء عليهم، أو سجنهم، أو غيبتهم، أو توبيخهم، أو ظلمهم، أو الكذب عليهم، أو تزوير ما فعلوا، أو غير ذلك فهو كله من المنكر الذي نهى الله تعالى عنه ورسوله.
وأسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم وسائر المسلمين إلى أن نقوم بهذه الشعيرة؛ شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وإذا لم نقم بها، فإن الله تعالى قد قال: {فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ} [الأنعام:89] .
ولله أوس آخرون وخزرجُ، والله تعالى يقول: {مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} [المائدة:54] أذلة على المؤمنين؛ فإذا رأوا الإنسان الخير الصالح ذلوا له، وأكرموه، وتواضعوا له، وأحبوه في الله عز وجل.
وإذا رأوا الإنسان الكافر، أو الفاسق، فإنهم أعزة عليه، لا يذلون له، ولا يهونون أمامه، عكس ما يصنعه كثير من الناس اليوم، فهم أُسود على إخوانهم المسلمين خاصة من الضعفاء؛ فإن رأوا عليهم مظهر التدين والصلاح زادوا في الضغط عليم، وإيذائهم، والسخرية منهم بالقول وبالفعل.
نسأل الله العفو والعافية.