لجنة الحقوق الشرعية ودور الشباب

Q عن لجنة الحقوق الشرعية وما يتعلق بها وما حدث لها؟

صلى الله عليه وسلم هذا موضوع يؤسفني أنه كثر الكلام عنه جداً، وذلك لأن الكثيرين يتتبعون وسائل الإعلام العالمية، كإذاعة لندن ومونتكارلو وصوت أمريكا وغيرها، ويسمعون ما تذيعه وما تتحدث عنه في مثل هذه القضية، نعم العالم اهتم كثيراً، وذلك لأنها تتعلق بالحقوق الشرعية، ومسألة حقوق الإنسان مسألة حساسة على المستوى الدولي، حيث يوجد عدد كبير جداً من اللجان والجمعيات والمؤسسات المعنية بالأمر، فهذا هو سر الاهتمام المتزايد بهذه القضية على المستوى العالمي والدولي.

أما الذين قاموا بهذه اللجنة فهم نخبة من خيرة أبناء هذه البلاد، بل من علمائها ودعاتها، وعلى رأسهم سماحة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين وهو إمام جليل القدر، عظيم الشأن، وأقول ولا أتردد أنني أعتقد أن هذا الرجل ولي من أولياء الله عز وجل، وعلم الله أنني لا أقول إلا ما أعتقده.

بل ومنذ زمن ليس باليسير كلما رأيت هذا الرجل شعرت بالإكبار والإجلال، فهذا الرجل بسعة علمه وكبر سنه هو حركة لا تتوقف، فله عشرات الدروس، والمحاضرات، لا يكل ولا يمل.

ومع ذلك هو منذ زمن، منذ أن كان عنده ثلاثة أو أربعة طلاب وهو ثانٍ رجليه في دروس التعليم، واليوم تحضر عنده الجموع الغفيرة، فالرجل هو هو، ثم هذا الرجل تجده يوماً في الرياض، ويوماً في الشرقية، ويوماً في القصيم، ويوماً في الحجاز، ويوماً في الجنوب، يبذل قصارى جهده في الدعوة والتعليم، ولا يأتي أحد صغر أم كبر، قل أم كثر، يأخذ بيده إلى عمل الخير، إلا أسرع إليه ولبى، فهو أعجوبة وآية في هذا الشأن قل نظيره فيه.

ثم مع ذلك كله ومع طول عمره في الإسلام والبلاء والجهاد والعلم هو رجل في غاية التواضع والزهد، لا يرى نفسه شيئاً، ليس لنفسه من نفسه حظ، وهو شديد التواضع، يكون في المجلس كلهم من أبنائه، وأصغر سناً منه، وأقل علماً منه، فيتحدثون ويستفيضون والرجل صامت لا يتكلم، بل يستمع، فهو حسن الاستماع، يستفيد مما يسمع ويأخذه، ويستفيد من الصغير قبل الكبير.

حتى إن الكثيرين يجلسون معه فلا يعرفونه إلا إذا عرفوا به، أو حدثوا عنه، فهو عجب من العجب، وله في ذلك قصص لو ذكرتها لطال بها المقام والمجال، إنني أقول بملء فمي إن الوظيفة التي يشغلها إمام كالإمام عبد الله بن جبرين، إن الوظيفة تشرف به، وليس العكس، فالوظيفة لا تضيف بالنسبة إليه شيئاً، بل هي أصغر منه، وأقل شأناً.

لذلك لا أخفيكم أنني لم أكره القرار الذي سمعتم، لقد شعرت أن الوظائف تحجم أمثال هؤلاء الرجال الكبار، وأن مثل هذا الرجل ينبغي أن يظل طليقاً بعيداً عن روتين الوظيفة، وزحمة الأعمال اليومية ليتفرغ للدعوة إلى الله، ونشر الخير، ونشر العلم، والتدريس والتعليم والتأليف والكتابة، فهو رجل ليس لبلد، ولا لمدينة، ولا لدولة بل ولا لعصر.

ينبغي أن يكون هذا للمسلمين في كل مكان، وينبغي أن يكون لهذا الجيل، وللأجيال القادمة أيضاً، لهذا فإن مثل هذا الرجل هو أكبر من العمل، وأكبر من الوظيفة، وأكبر من الرتبة، وهي لا تضيف بوجودها إليه شيئاً، وفقدها لا يضره شيئاً.

وهكذا بقية الإخوة المشايخ كأمثال الشيخ عبد الله المسعري رئيس ديوان المظالم سابقاً، والدكتور الشيخ عبد الله بن حمود التويجري، فهم من طلبة العلم المعروفين، ومن الدعاة، ومن المشايخ الكبار، وكذلك الدكتور حمد الصليفيح، والدكتور عبد الله الحامد، والشيخ سليمان الرشودي فهم جميعاً ممن لهم سمعة حسنة، وسابقة طيبة، وكان إعلانهم لهذه اللجنة للدفاع عن حقوق اللجنة الشرعية في نظري أمراً طيباً حسناً.

وذلك لأن هذا الإعلان لا يعدو أن يكون نوعاً من المحاماة عن المظلومين بالمجان، فمكاتب المحاماة قائمة معمول بها في هذه البلاد، كما هو معروف، فهم لم يضيفوا شيئاً جديداً، سوى أنهم تطوعوا للمحاماة عن الفقراء والمساكين والعمال والمظلومين بالمجان، متى عرفوا أن هذا الإنسان مظلوم فعلاً.

وكان مثل هذا العمل مما ينبغي أن يُفرح به؛ لأنه مما قاموا به هم بالنيابة عن الأمة كلها، فكان ينبغي أن يُفرح به، ويُؤيد ويُساعد ويسدد وينظم أيضاً إذا كان ذلك يحتاج إلى تنظيم، ويطور ويوجد له فروع في جميع المناطق وفي جميع البلاد.

هذه وجهة نظري، ويشاطرني فيها مجموعة كبيرة من طلبة العلم في هذه البلاد طولها وعرضها، بل وفي بلاد الإسلام كلها.

ولا شك أن الذي حصل لم يكن بودنا أن يقع، ولكن قدر الله وما شاء فعل، والمؤمن لا يكره أبداً: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ} [البقرة:216] والعبد لا يدري، فعسى أن يكون الخير فيما يكره: وربما صحت الأجسام بالعلل نعم، نحن بحاجة إلى مجموعات من المشايخ وطلبة العلم، يتفرغون للدعوة إلى الله تعالى، ويتحررون من رق العمل اليومي الذي يأسرهم ويأخذ أوقاتهم ويستنزف جهودهم وطاقاتهم، فإن الإنسان إذا قضى في العمل أكثر من ثماني ساعات، يأوي منهكاً متعباً فمتى يتفرغ للدعوة إلى الله عز وجل، ومتى يقوم بالتأليف، ومتى يجاهد، ومتى يسافر، ومتى يكتب، ومتى ومتى فلماذا لا نعد أن هذه إيجابية ساقها الله إلينا على رغم أنوفنا وإرادتنا، وقد ذكرت قبلاً في محاضرة (دلوني على سوق المدينة) ما يعد إرهاصاً وتقدمة لمثل هذا.

أما الفقرة الثانية: دور الشباب الملتزم في مثل هذا؟ فالجواب: أرى أن الدور يمكن أن يكون من خلال خطابات التأييد التي تتداول الآن وتنشر وقد سمعت أن الكثيرين يوقعونها وترسل إلى اللجنة تأييداً، فمثل هذا العمل في نظري كافٍ في مثل هذه المرحلة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015