Q لقد قلت: إن الأنبياء والصالحين يغبطون الأخلاء, فهل معنى ذلك أن الأنبياء لايتحابون في الله؟
صلى الله عليه وسلم لعلك أجبت على سؤال يدور في ذهن بعض الإخوة, فكنت أتوقع أن يسأل أحد يقول: هل معنى ذلك أن الأخلاء والمتحابين في الله أفضل من الأنبياء وأفضل من الشهداء, حتى يغبطهم النبيون والشهداء؟! هذا السؤال يمكن أن يثار, والجواب عليه جاء من ضمن السؤال, لأننا نقول: إن الشهداء والأنبياء هم متحابون في الله أيضاً، فلهم في الغالب وخاصة الأنبياء قطعاً -أما الشهداء في الغالب لهم نفس الأجر المذكور في الحديث- لهم نفس الأجر؛ لأنهم هم أرقى درجات المتحابين في الله, وكذلك الشهداء في الغالب, إذاً هم يغبطون الإنسان لأنه حصل هذه المرتبة بجهد أقل مما بذل, إلا أن فضل الله عز وجل, أوصله إلى تلك المرتبة.
فالمحبة في الله هي بحد ذاتها عمل عظيم أوصلت الإنسان إلى هذا المكان, وإلى هذا الفضل على رغم أنه لم يبذل في الظاهر جهداً كبيراً ليرشحه لهذه المنزلة لولا فضل الله, فلذلك هم غبطوه، وغبطتهم لا تعني أنهم لم يصيبوا أو لم يصبهم هذا الأجر, هذه نقطة.
النقطة الثانية: إن تميز الإنسان عن بعض الناس بأمر من الأمور لا يعني فضله عليهم من كل وجه, فقد يقول قائل: بالنسبة للأنبياء عرفنا أنهم أفضل من الناس من كل وجه, لكن بالنسبة للشهداء قد يكون بعض المتحابين في الله أفضل من بعض الشهداء من وجه, وهو أنهم حققوا من معاني الأخوة في الله ما لم يحققه هؤلاء الشهداء فيكونون تفوقوا على الشهداء بمنزلة، وهي منزلة المتحابين في الله, لكن أيضاً الشهداء تفوقوا عليهم بمنزلة أخرى وهي منزلة الشهادة التي لم يدركها هؤلاء المتحابون, والشهيد له -كما تعرفون- ست خصال: يغفر له مع أول قطرة من دمه, ويزوج من الحور العين, ويشفع في أهل بيته إلى غير ذلك من الفضائل الموعودة لمن يستشهد في سبيل الله عز وجل.