Q بعض الآباء يأتون بأبنائهم إلى المسجد ثم يتركونهم يعبثون في بيوت الله ويزعجون المصلين، فما توجيهكم؟
صلى الله عليه وسلم الإتيان بالأبناء إلى المسجد له ضوابط وشروط وهو مطلوب؛ لأن الأمة لا بد أن تعيش بأجيالها، والأجيال هم هؤلاء الصغار، فإذا ربيناهم على الصلاة من الصغر وصلوا إلى سن الكبر وقد تدربوا على الصلاة، ولهذا يقول عليه الصلاة والسلام: (مروا أبناءكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع)، وبعض الآباء يهمل هذا الحديث، فلا يأمر ولده على سبع، ولا يضرب ولده على عشر، فإذا بلغ ولده لا يصلي قال: ولدي لا يصلي، قلنا: أنت الذي أهملته صغيراً فكيف تريد أن يصلي وهو كبير؟! لا.
إن الغصون إذا عدلتها اعتدلت ولا تلين إذا صارت من الخشب
الطفل الصغير ما دامت تعوده على الصلاة وهو صغير، وتزرع في قلبه حب الصلاة وهو صغير، لا يصل سن البلوغ إلا وهو يصلي، ولا يجد صعوبة؛ لأنه مدرب، أنت قد علمته، لكن تهمله وتضيعه إلى أن صار رجلاً ثم تقول له: صل، فلن يصلي، ويراها من أصعب الصعوبات عليه، فالأمر بالصلاة مطلوب للصغير، لكن إحضاره إلى المسجد له شروط: أولاً: أن يكون قد تجاوز السبع، فلا ينبغي أن تأتي بالذي سنه صغير لا يعرف مسجداً ولا طهارة، بعضهم يأتي بولده وعمره سنتان وثلاث وأربع، لماذا؟ لأنه يحب ولده، ويريد أن يدلله ويأتي به ليتمشى، اذهب به إلى غير هذا المكان اذهب به إلى الحديقة اذهب به إلى الشارع اذهب به إلى الملعب إلى أي مكان، لكن تأتي به إلى المسجد لا يصلح.
بعضهم يأتي بولده ويهمله ويدعه يلعب ويجري ويعبث بالمصاحف ويقطع الصلاة على المصلين، ويحدث فوضى، لا يجوز؛ لأن هذا يؤذي المصلين، وإيذاء المصلين لا يجوز لأنه إيذاء لله عز وجل، فلا ينبغي أن تأتي به وهو دون السبع، بعد ذلك إذا كان فوق السبع تعطيه آداب المسجد تقول له: يا ولدي نحن نذهب إلى الصلاة، والصلاة هذه فريضة الله والشعيرة العظيمة، نقف فيها بين يدي الله، فينبغي أن نكون مؤدبين مع الله، إذا وقفت في الصلاة تجعل عينيك في موضع سجودك، وتضع يدك اليمنى على اليسرى على صدرك، ولا تلتفت كذا ولا كذا، وإذا سمعت قراءة الإمام تنصت، إذا ركعت تركع وتثني ظهرك، وإذا سجدت تخشع، علمه كيف يصلي، إذا قمت امش ولا تنظر ولا تجري ولا تعبث؛ لأن هذا بيت الله، تمشي وعليك السكينة، إذا علمت الولد هذه الآداب يتأدب، وبعد التعليم تأخذه في يدك تصلي جنبه، وإذا معك ولد لا تصل في الروضة حتى لا تؤذي الناس بولدك، اذهب وصل في الطرف، وأنا أفضل أن تصلي في الطرف وولدك إلى جنبك أحسن من أن تصلي في الروضة وولدك في وراء المسجد يعبث ويضيع على الناس صلاتهم، خذ أولادك بجانبك وصل معهم؛ حتى تضبط حركتهم، بهذه الضوابط لا يوجد مانع.
أما أن يأتي المسلم ليصلي ويترك أولاده يعبثون في المسجد، ويسيئون في التعامل مع الناس، ويحدثون الأصوات والفوضى، ويجرون ويهرولون، ويمزقون المصاحف ويعبثون، ويضحكون ويصيحون، فإن هذا أذى، ولا يجوز، وأنا أخشى على من يأتي بأولاده أن تصدر دعوة من المصلين عليه وعلى أولاده، وقد تحيط به.
وأذكر وأنا في أبها أن رجلاً كان يأتي بولده إلى المسجد، وهذا الولد يعبث يعني يعمل حركة والناس قد كلموه وهم ينصحونه وهو يرفض، فكأن واحداً منهم دعا عليه، وخرج من المسجد وولده معه، وانطلق الولد يقطع الشارع وتصدمه السيارة، وكثير من المصلين ما تأسف على موت هذا الولد؛ لأنهم ارتاحوا منه.
فيا أخي! لا تزعج الناس فتجعلهم يدعون على ولدك فتستجاب الدعوة عليه وإذا به قد مات، لا، اترك ولدك في بيتك إلى فوق سبع، ثم أحضره بيدك، وأشغل ولدك بطاعة الله عز وجل.