Q نرجو من الشيخ أن يذكر لنا حلولاً لمشكلة العنوسة وكثرة العزاب؟
صلى الله عليه وسلم أولاً: من الحلول العملية لمشاكل الأمة ومعضلاتها ما حصل في مدينة جدة، كانت أزمة ولكنها كبرت حتى صارت مشكلة، ثم نمت حتى أصبحت معضلة تهدد بانهيار مجتمعنا، ألا وهي: عضل النساء، وعدم تزويجهن، بيوت مملوءة ومكدسة بالنساء، وبيوت مملوءة ومكدسة بالرجال، وعراقيل وعقبات توضع في سبيل هذا اللقاء الشرعي وهو الزواج، مما اضطر الناس يوم أقفلت الأبواب الشرعية، أن يفتح لهم الشيطان أبواباً غير شرعية، لا سيما مع وفرة الإمكانيات التي توصل إليها، كان الناس في الماضي لا يستطيع أحد أن يصل إلى أحد، كل بنت في بيت أبيها ودونها جبال، الآن لا، أصبح الواحد يستطيع أن يقتحم البيت وأنت نائم لا تعلم عن شيء يقتحم البيت عن طريق رقم يرمي به الشاب عند الباب، وحصل ما حصل من الفساد.
ولكن قيض الله لكم في هذه المدينة وغيرها من المدن بعض الرجال الصالحين الذي نحسبهم كذلك ولا نزكي على الله أحداً، يتمتعون بشجاعة وجرأة في الحق، وأيضاً عندهم عقل استعملوه في تقديم حلول عملية، ليست الحلول كلاماً، مهما قلنا للناس ومهما حدثنا سيبقى الكلام توجيهياً فقط، لكن عملياً في حياة الناس لا بد من أن يقوم واحد بالمبادرات، ولديكم مبادرتان: المبادرة الأولى: مبادرة اللجنة الخيرية لمساعدة المتزوجين هذه تمثل جسراً بين الأغنياء القادرين، وبين الفقراء غير القادرين، تجمع التبرعات من المحسنين، وتتعرف على الشباب الذين لا يستطيعون أن يتزوجوا، ثم تهيئ لهم معونة مالية وأثاثاً، وتستأجر لهم شقة، وجائزة على أول مولود، وجائزة على ثاني مولود، من أجل تشجيعهم على النسل، هذا خير كبير، بعض الأثرياء عنده مال يريد أن يتصدق، لكن لا يعرف من يعطي، فلا يتصدق، لكن حين يجد من فيه خير ويقول له: هاتها وأنا أضعها في محلها، ويكون ثقة مثل هؤلاء المشايخ والعلماء، فهذه الجمعية المباركة تقوم بنشاط كبير، وقد حصل منها خير كبير، وتزوج منها آلاف البنات وآلاف الفتيان، وأنشئت منها آلاف الأسر، وحصل منها النسل الكثير، وما حصل إلا خير إن شاء الله، فنريد منكم إن شاء الله استمرار الدعم لهذه الجمعية.
هذه الجمعية الخيرية ليس عملها عملاً منقطعاً، بحيث تهب لها مرة واحدة ثم تكف يدك، بل لابد أن تستمر في الخير ليكون لك مساهمة في بناء أسرة ولو بلبنة واحدة، ولو بعشرة ريالات من راتبك الشهري، في السنة مائة وعشرون تضعها في الصندوق من أجل المساهمة في القضاء على هذه المعضلة، وتزويج النساء والرجال، هذا شيء عظيم تحتسبه عند الله.
ولذا يقف على الأبواب إخوانكم الذين يجمعون التبرعات لهذا المشروع، وأنا أحثكم وأسأل الله أن يعينكم عليه، وأيضاً يوجد صندوق عند النساء.
المشروع الثاني: وهو عملي لا يقل عن الأول بل يمكن أن يكون أهم منه؛ لأنها الخطوة التي تسبق الزواج وهو قضية الدلالة والوساطة بين من يريد أن يتزوج ومن يريد أن يزوج، كثير من الناس عنده بنات يريد أن يزوجهن، لكن لم يأته أحد، فماذا يصنع؟ لا يستطيع أن يذهب إلى الحراج ويقول: والله عندي أربع بنات أو ثلاث أو اثنتان، فإن جاء أحد كان بها، وإلا قعدن في البيت، بعضهن بلغت من العمر أربعين سنة، وهي تريد الزواج ولكن لم يتزوجها أحد، لا يستطيع هو أن يخبر الناس، رغم أنه لو دعا أحداً من أهل الدين فليس عليه حرج، لكن بعض الناس رأسه جاهلي، يقول: أأذهب أعرض بابنتي؟ لا.
لا تحرج عليها، لكن اختر لبنتك كما فعل من هو أكرم منك القرشي الهاشمي عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي كان يدفن ابنته حية من العار، لكن لما هداه الله إلى الإيمان ما دفنها وهي حية في البيت، وإنما بحث لها عن زوج، عرضها على عثمان وأبي بكر فأعرضا عنها، لأنهما سمعا النبي صلى الله عليه وسلم يذكرها، وخطبها النبي صلى الله عليه وسلم ففرح عمر بذلك، وأصبحت أماً للمؤمنين وهي حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنها وأرضاها.
ليس عيباً إذا رأيت شاباً ملتزماً متديناً يصلي في المسجد، وتعرفت على أخلاقه عن طريق سؤالك عنه، لا يكفي فقط أن تأخذ من الصلاة دليلاً، الصلاة أكبر دليل لكن ابحث عن الأمور الأخرى عن تعامله وخلقه وحياته، فإذا تأكدت فادعه وقل: يا فلان، أنا عندي بنت أحبها مثل عيني، قطعة من كبدي، ومن حبي لها اخترتك لها، فما أريد أنك يوم من الأيام تقول: والله أنت الذي عرضتها علي ثم تنتقصني، تعال انظر إليها، فإن ناسبتك وأعجبتك قرنت بينكما وعقدت لك، فإن لم تناسبك فالسر عليه الله، لا تذهب وتقول: فلان دعاني ورأيت بنته، وهي ليست جميلة، تكشف عرضي، لم ينظر إليها أحد إلا أنت، أنا أغار عليها من الشمس تنظر إليها، ولكن بأمر الشرع؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي أمر أن تراها، فتأتي به إلى ابنتك ويراها وتراه، فإذا ناسبها وناسبته تعقد لهما على مائة ريال أو عشرة ريالات أو ألف ريال، هذا هو الزواج الشرعي، أما أن تنام كل ليلة عند زوجتك، وبيتك ممتلئ بالبنات أو الشباب ولا تزوجهم فهذه مصيبة، كثير من الناس يريد أن يزوج، ولكن لا يعرف ولا يستطيع.
وقد قام أحد الإخوة في الله وهو الشيخ: عبد العزيز الغامدي حفظه الله، بهذا الجهد مشكوراً، وهذا الجهد متعب ومضنٍ جداً؛ لأنه تعامل مع شيء حساس في حياة الناس وهو العرض، صعب أنك تدخل في هذه الأشياء، لكن يحتاج إلى نوع من الصبر، ويحتاج أيضاً إلى نوع من السيطرة على النفس، وعلى الاستمرارية وعدم الضجر، فقام بهذا العمل جزاه الله خيراً ورتب إدارة وشكل جمعية، تقوم هذه الجمعية بتعريف الشباب، فالذي يريد أن يتزوج يذهب إليه ويقول: يا شيخ! أنا أريد أن أتزوج، وهذه مواصفاتي: أنا شاب جامعي، راتبي كذا وكذا، أسكن في كذا وكذا، الجنسية كذا، وهذا وضعي، وهذه مواصفاتي، وأنا أريد بنتاً مواصفاتها كذا، ويأتي الرجل من أهل الخير الذي عنده بنات، يقول: يا شيخ! أنا رجل عندي بنات وأريد تزويجهن، الكبيرة عمرها كذا، والثانية عمرها كذا، والثالثة عمرها كذا، وأنا أريد أن أزوج من صفته كذا ووضعه كذا، فيقوم الشيخ يقابل بين الشروط، فإذا رأى أن هذا يصلح لهذا دعاه وقال: تعال يا أخي! اذهب إلى فلان، وقل: دلني عليك فلان، ومن فضل الله يذهب ويتزوج وتقوم الأسر، وحصل خير كثير، والآن عنده كما يقول لي: أكثر من خمسين ألف من الشباب يريدون أن يتزوجوا، وعنده مثلها بنات، وهو الآن من فضل الله كل يوم وهو يزوج، لكن هذا الجهد يحتاج أيضاً إلى دعم منكم؛ لأنه يحتاج إلى إدارة، ومبنى مستأجر، وعاملين، ومكالمات هاتفية.
ثم إن هذا الخير لم يكن محصوراً على مدينة جدة، بل تجاوزها إلى معظم مدن المملكة، بل نقرأ الآن في جريدة المسلمون أن هذا الخير وصل إلى البلدان الإسلامية الأخرى، نسمع عن فتاة من الجزائر، أو المغرب، أو سوريا، أو مصر تبحث عن زوج، وشاب من الكويت يريد زوجة، فحصل خير كبير، وتعارف الناس وحصل منهم خير كثير، بدلاً من بقاء البنت معزولة والرجل معزولاً، أو يلتقون عن طريق الشر، فهيأ لهم هذا الشيخ اللقاء الشرعي فجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خيراً.
ونرجو من كل من يقدر على مساعدته أن يدعمه بالتبرع الذي يستطيع به مواجهة تكاليف هذا العمل الخيري الإيجابي، الذي نسأل الله أن يجعله في موازين حسناته.