Q ما هي ضوابط وآداب خروج المرأة المسلمة من بيتها؟
صلى الله عليه وسلم الأصل في المرأة المسلمة أن تستقر في بيتها، وتمضي معظم عمرها في بيتها؛ لأن بيتها عرشها، ومكان عزها وسترها، ولا يستطيع الشيطان أن يتسلط عليها ما دامت في بيتها، لكن إذا خرجت جاء في الحديث: (إذا خرجت المرأة من بيتها استشرفها الشيطان) يعني: استفزها، وقال عليه الصلاة والسلام: (إن المرأة تقبل في صورة شيطان، وتدبر في صورة شيطان) والله أمر المرأة بأن تستقر، قال عز وجل: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب:33] فعلى المرأة المؤمنة أن تربي نفسها على هذا الطبع، وأن تَلزم البيت باستمرار، وتستطيع المرأة أن تعرف هل هي مؤمنة أم غير مؤمنة عن طريق عرضها على حب البيت وعدم حبه، فإن كانت تألف البيت وتحبه ولا تحب الخروج منه إلا مغصوبة وكارهة فهي مؤمنة، أما التي تضيق في البيت، ولا ترتاح إلا إذا أخذت عباءتها وخرجت، فهذه ليست بمؤمنة، هذه تعرِّض نفسها للفتنة، وعليها أن تتوب إلى الله عز وجل، هذا الأصل.
لكن هل يجوز الخروج؟ نعم يجوز الخروج في حالات، منها: الخروج للصلاة، وخصوصاً إذا كان هناك مصلحة علمية كحضور درس -مثل هذا الدرس- أو حضور صلاة تراويح في رمضان، إذا كانت المرأة في بيتها لم تصلِّ التراويح كما ينبغي، يشغلها أطفالها في البيت، لكن في المسجد تصلي صلاة كاملة، أو حضور صلاة الجمعة مع أنها لا تجب عليها، لكن لو حضرتها أجزأتها من أجل أن تسمع الخطبة، أو حضور صلاة العيدين، تقول أم عطية: [كنا نُخرج الحُيَّض وذوات الخدور يشهدن الخير ودعوة المسلمين] فيجوز في هذه الأمور، أيضاً أن تخرج إلى العمل إذا كان عملها مباحاً -مثل: التعليم، ففيه مصلحة لبنات المسلمين- وهي ملتزمة ومتدينة، فيحصل على يديها خير من تعليم بنات المسلمين، أو الخروج لزيارة رحم أو قريب، أو عيادة مريض، أو زيارة جار، وفي أضيق الظروف هذا يجوز كله، لكن بآداب شرعية أذكرها لكم وهي خمسة آداب: الأدب الأول: ما يتعلق باللباس، أن يكون لباسها ساتراً لها من أخمص قدميها إلى مشاش رأسها، لا يبدو منها شعرة ولا ظفر ولا إصبع، ولا يد، ولا رجل، ولا شعر، ولا شيء حتى الأيدي مُلبسة حتى الأقدام عليها جوارب أسود، ويكون هذا الستار نفسه غير ملفت للنظر؛ لأن بعض العباءات الآن مزينة بحيث تحتاج المرأة إذا لبستها أن تلبس عليها عباءة ثانية؛ لأنها مطرزة، أو موشاة بالقصب (الذهب)، أو بالفضة، والقصد من العباءة الستر، فإذا كانت العباءة فاضحة؛ فإنها تستتر عليها بعباءة ثانية لكي تستر نفسها.
هذا أول شرط من شروط اللباس.
الشرط الثاني: أن يكون هذا اللباس هادئاً غير ملون، وغير ملفت للنظر، ليس مزركشاً، حتى ولو كان تحت العباءة، فتلبس لوناً واحداً رمادياً أو بنياً أو أي لون هادئ ليس مزركشاً ولا ملفتاً للنظر؛ لأن هذه الألوان تثير الغرائز، أنت إذا رأيت لوناً مزركشاً ملفتاً للنظر يستثيرك، أما إذا كان لوناً عادياً هادئاً فإنه لا يكون هناك إثارة، هذا المطلوب في ثوب المرأة الذي تخرج به إلى تلك التجمعات، وعليها أن تدع الثوب المزركش والجميل للزوج في البيت، وهو المطلوب من المرأة؛ لأن بعض النساء تلبس في البيت أسوأ الثياب، تطبخ وتكنس وتغسل تعمل كل ذلك في ثوب واحد، فإذا دخل زوجها يراها في ثوبها فكأنها قردة والعياذ بالله، فإذا أرادت أن تخرج تلبس الثياب الجميلة للشارع وللزيارات، والثياب السيئة للبيت، فإذا دخل وراءها كأنها شيطانة، فيكرهها ويخرج إلى الخارج يبحث عن المتزينة، لكن لو أنه كلما دخل وإذا بها في لون جديد، وكل يوم وهي في ثوب، فسيرى أنها أجمل امرأة في الدنيا، وإذا خرجت تلبس الثوب السيئ الذي لا يلفت أنظار الناس إليها، هذا الشرط الثاني من آداب اللباس.
الشرط الثالث: أن يكون سميكاً أي: يكون هذا الثوب متيناً سميكاً، ليس بشفاف ولا يصف؛ لأن بعض الثياب ترى الجلد وراءه، فهي كاسية عارية، فلا يجوز أن يكون الثوب إلا سميكاً لا يشف ولا يصف.
الشرط الرابع: أن يكون واسعاً فضفاضاً مثل الخيمة، عباءة كاملة، ويدخل في هذا التحريم (الكاب) الذي تلبسه النساء الآن، هذا (الكاب) ليس عباءةً ولا ستاراً، ولا يكفي للحجاب، بل لا بد من العباءة، لأن (الكاب) يُظهر رقبة المرأة ورأسها ويظهر أثداءها ويظهر أكتافها، ويظهر أردافها، وبالتالي كأنها لابسة ثوباً معتاداً لا حجاباً، لكن إذا لبست عباءة فإن العباءة تنزل من الرأس على الجسم بشكل هرمي فتخفي جميع تقاسيم المرأة ومحاسنها.
وفي هذا فتوى من سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز أنَّ لبس (الكاب) غير جائز للمرأة المسلمة إذا أرادت أن تخرج به وينبغي أن تلبس العباءة الساترة.
أيضاً من شروط اللباس: ألا يكون فيه تشبه بالكافرات، مثل لبس القصير، فإن هذا مما اختص به نساء أهل الكفر، فلا ينبغي للمرأة أن تتشبه بهم؛ لأن (من تشبه بقوم فهو منهم).
ولا أن يكون فيه تشبه بالرجال، مثل لبس البنطال، الآن نعرف أن بعض النساء بدأت تلبس بنطالاً، كأنها رجل، وهذا من التشبه بالرجال، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لعن الله المتشبهات من النساء بالرجال، ولعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء) هذا الأدب الأول في اللباس.
الأدب الثاني ويتعلق بالعطر: إذ يحرم على المرأة أن تتعطر ثم تخرج، والعطر إما أن يكون في ثيابها من السابق أو أخذته في نفس الوقت إذا خرجت؛ لأن بعض النساء لا تتعطر في ذاك الوقت ولكن تخرج وثيابها معطرة، فإذا قيل: في ثوبك عطر، قالت: لا.
هو فيه منذ زمن، ولو كان فيه منذ زمن، دعي الثياب التي فيها العطر، وخذي الثياب غير المعطرة، لما روى الإمام أحمد في المسند أنه صلى الله عليه وسلم قال: (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وليخرجن تفلات) وتفلة يعني: غير متعطرة، رائحتها رائحة عادية، ليس فيها أي شيء مُلفت للنظر؛ لأن العطر يثير غريزة الرجل، فإذا مرت من عنده وفيها رائحة فإنها تفتنه، وروى الإمام أحمد ومسلم -أيضاً- أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (أيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهد الصلاة معنا) فمنعها الرسول صلى الله عليه وسلم من دخول المسجد إذا كانت رائحتها بخور.
وفي مسند أحمد وفي السنن الأربعة إلا ابن ماجة -وهو صحيح- قال: (أيما امرأة استعطرت في بيتها ثم خرجت فمرت بقوم ليجدوا ريحها فهي زانية) وهذا وعيد شديد، حتى ولو خرجت إلى بيت الله تبارك وتعالى.
الأدب الثالث فيما يتعلق بالخروج: وفيه أن تتصف المرأة بصفة الحياء، فالحياء قرين الإيمان، فإذا نزع الحياء نزع الإيمان، وأكثر ما ينبغي أن تكون عليه المرأة حياءً إذا خرجت من بيتها، ويكون هذا بأمرين: فالحياء يظهر في صورتين: الصورة الأولى: أن لا تمشي في وسط الطريق، إذا خرجت فعليها أن تمشي في الطرف، لا تمشي في الطريق كأنها عسكري أو رجل، وإنما تمشي في طرف الطريق، حتى إذا تعرضت للفتنة تتعرض من جانب واحد فقط، والجانب الآخر هو الجدار، لكن عندما تمشي في الوسط، فإن الذين على جنبات الطريق ينظرون إليها ويفتنونها وتفتنهم، وهذا فيه حديث صحيح، يقول عليه الصلاة والسلام: (يا معشر النساء! استأخرن والزمن حافة الطريق) فلا ينبغي أن تمشي المرأة إلا في حافة الطريق، هذا الأدب الأول في الحياء.
يثني الله على المرأة التي دعت موسى عليه السلام: {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ} [القصص:25].
الصورة الثانية: أن تغض طرفها وأن ترخي رأسها وأن لا تلتفت يميناً ولا شمالاً؛ لأنها إذا تلفتت فإن في هذا إشارة مرور من الشيطان أنها ما التفتت إلا تريد شيئاً، وإلا لماذا التفتت! فليس هناك إلا الأمام فقط وعلى الأرض، لا ترفع رأسها ولا تلتفت، وتغض بصرها لأن الشرع نهى المرأة عن النظر إلى الرجال كما نهى الرجال عن النظر إلى النساء، والآية في سورة النور، قال الله عز وجل: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور:30] وقال بعدها: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [النور:31] فكما أن الرجل مأمور بغض بصره؛ فالمرأة مأمورة بغض بصرها، فلا تقول أنه لا يراها أحد، فهي لا تُرى ولكنها تَرى، والفتنة تقع منكِ وعليكِ -أيضاً- وهناك حديث صحيح رواه الإمام أحمد في المسند ورواه الترمذي وصححه ابن حبان من حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت: (كنت عند ميمونة -أمهات المؤمنين- فدخل ابن أم مكتوم الأعمى، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لهما: احتجبا عنه، قلنا: أوليس أعمى يا رسول الله؟! قال: أفعمياوان أنتما؟ ألستما تبصرانه) فإذا كان الرجل لا يراك لأنه أعمى، فإنك ترينه، فغضي بصرك أيتها المرأة المؤمنة؛ نظراً لأن في غض البصر مصلحة وتنفيذ لآداب الله تبارك وتعالى، وهذا الأدب الثالث وهو الحياء.
الأدب الرابع: أن تدخل المسجد من باب النساء المخصص لهن، وأن تدخل السوق المخصص للنساء، وأن تشتري السلعة في وقت لا يكون فيه رجال ولا زحام رجال، وألا تتكلم هي إذا دخلت السوق فتشتري وتبيع مع الرجل؛ لأن في بيعها وشرائها فتنة لها وللرجل الذي يبيع ويشتري معها، هذه كلها آداب المرأة.
الأدب الخامس: أن يكون معها محرم إذا خرجت، فلا تخرج لوحدها، فإنها إذا خرجت لوحدها كانت عرضة لسطو المعتدين عليها من الرجال، إما بالكلام أو بالغمز أو بالملاصقة، أو بأي تصرف يكون، لكن إذا رأى الرجل الشرير أن امرأة معها رجل بجانبها فإنه يصرف النظر عنها، ولا يمد يده أو عينه أو يحاول أن يؤذيها بأي أذى، فإذا خرجت إلى المسجد فأنت معها، أو إلى السوق وأنت معها وليس شرطاً أن يكون زوجها، المهم أن يك