ومن أصول أهل السنة والجماعة: أنهم يستدلون بالكتاب والسنّة، واتباع ما كان عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فلا يستدلون بالآراء ولا بكلام العلماء، إلا إذا كان كلام العلماء مقتبساً ومستنداً إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
ولذا سُمُّوا أهل السنة والجماعة؛ لأنهم مجتمعون على كتاب الله وعلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولا يعتقدون العصمة لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل عقيدتهم: أن العصمة لرسول الله، وأن كل من بعده قد يخطئ، حتى الصحابة قد يخطئون؛ لأنهم بشر غير معصومين.
وأيضاً: لا نتعصب إلا للحق، ونعتقد أن المجتهد يصيب ويخطئ، وأنه إذا أصاب فله أجران، وإذا أخطأ فله أجر الاجتهاد وليس عليه ذنب الخطأ، وأن الاجتهاد لا يزال مسموحاً به ومفتوحاً لمن توفرت فيه شروط الاجتهاد إلى يوم القيامة.
ويعتقد أهل السنّة والجماعة أن الاختلاف وارد، لأن الناس ليسوا متساوين جميعاً في الفهم، فالله خلق الناس مختلفين: {وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} [هود:118 - 119] ولكن هذا الخلاف لا يفسد للود قضية، ولا يُوجِد بين المؤمنين عداوة، بل يحب بعضهم بعضاً، ويوالي بعضهم بعضاً، ويصلي بعضهم خلف بعض، ويلتمس مصيبهم لمخطئهم العذر، مع اختلافهم في المسائل الفرعية التي هي محل نظر واجتهاد، فإذا أخطأ واحد منهم يأتون إليه وينصحونه ويصححون خطأه، ولا يلتقطون هذا الخطأ عليه ويفسقونه ويبدعونه به، ويخرجونه من الملة، ويحذرون الناس منه، لا.
بل يصححون خطأه ويعتذرون له، ويدعون له.
يقول الشافعي رحمة الله عليه: كلامنا صواب يحتمل الخطأ، وكلام غيرنا خطأ يحتمل الصواب.
انظروا كيف أدبهم رحمة الله عليهم، يقول: كلامي صواب، ما أعتقد إلا الصواب، لكنه يحتمل الخطأ، وكلام خصمي خطأ ولو أعرف أنه صواب لاتبعته لكن يحتمل أن يكون صواباً، لكن أين الكلام الصواب الذي لا يحتمل الخطأ؟ إنه كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، أما ما دمنا بشراً فإن كلامنا مهما كان صواباً فإن احتمال وقوع الخطأ فيه وارد، وهذا مذهبهم رحمة الله تعالى عليهم.