الخامس من المعالم: أن يكون الداعية عالماً بما يدعو الناس به، وهذا معنى قول الله عز وجل: {أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ} [يوسف:108] وبصيرة أي: على علم، لا أدعو على عمى، ولا على جهالة، ولا على ضلالة، بل لا بد أن أدعو على علم، وليس معنى هذا -أيها الإخوة- ألا يدعو الإنسان إلى الله حتى يصبح عالماً بكل شيء، وإنما المطلوب أن تدعو فيما علمت، أي: شيء علمته من الدين بلغه ولا تتجاوزه إلى غيره، لا تفهم من أنك تدعو بمجرد أنك عرفت شيئاً أن تدعو إلى كل شيء، ادع في الشيء الذي تعرفه، أما ما لا تعرفه فاسكت عنه إلى أن تتعلمه، أو ترجع فيه إلى العلماء والدعاة، أما أن تتخذ من نفسك داعية، عرفت هذه المسألة أو عرفت مائة مسألة، أو عرفت ألف مسألة، فتعطي لنفسك صفات الأهلية وأنك تجيب على كل مسألة، وأنك تتكلم في كل مسألة، وأنك تخوض في كل قضية؛ لأنك تكلمت أو أنك أصبحت بارزاً أو معروفاً، فهذا من الخطأ، وليس من العيب أن تقول لما لا تعرف: لا أدري.
من العيب كل العيب أن تقول على الله بلا علم، فقد قرنه الله عز وجل بالمحرمات: {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} [الأعراف:33] فلا بد -أيها الإخوة- من العلم، يقول أبو هريرة رضي الله عنه: [رأس العلم لا أدري] وأيضاً ينبغي لك أن تبلغ ولو آية: (بلغوا عني ولو آية) بلغوا عني ولو حديثاً.