من أصول أهل السنّة والجماعة: أنهم لا يُكَفِرون أحداً من المسلمين، انتبهوا! لا يكفرون، أما التفسيق والتبديع لمن يستحق فهو من معتقدات أهل السنّة والجماعة، فهم لا يطلقون كلمة الكفر على مسلم إلا إذا ارتكب ناقضاً من نواقض الإسلام العشرة، أو ترك شيئاً تركه كفر مثل الصلاة، لأن الصلاة أتت فيها أدلة خاصة بأن تاركها كافر، والدليل في مسلم عن جابر بن عبد الله قال: قال عليه الصلاة والسلام: (بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة) وفي سنن أبي داود ومسند أحمد عن بريدة رضي الله عنه قال: قال عليه الصلاة والسلام: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر).
أما الكبائر كبائر الذنوب؛ فإن أتى شخص بالأركان ولم يأت بناقض من نواقض الإسلام ولكن وقع في معصية أو كبيرة أو صغيرة فإنهم لا يكفرونه بها وإنما يرون أنه فاسق عاصٍ لله، ناقص الإيمان، وهو تحت مشيئة الله في الدار الآخرة، إن شاء الله عز وجل عذبه، وإن شاء غفر له، وهذا هو المذهب الوسط، وهو الوسط بين الخوارج الذين يكفرون بالكبيرة -إذا وقع أي أحد في كبيرة يرون أنه كافر- وبين المرجئة الذين يقولون: لا يضر مع الإيمان ذنب كما أنه لا ينفع مع الكفر طاعة، أما مذهب أهل الحق فيكفرون من نقض إسلامه، أما بالكبائر والذنوب فلا يكفرونه، والأدلة على ذلك كثيرة لا أستطيع حصرها.
أول دليل في مسلم: (أن رجلاً جيء به إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقد شرب الخمر فحدَّه -أي: ضربه وأقام الحد عليه- ثم ذهب فشرب الخمر مرة أخرى فجيء به فحدَّه، فشرب الخمر مرة أخرى فجيء به فحدَّه، فقال أحد الصحابة: لعنه الله، ما أكثر ما يؤتى به، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم لصاحبه: لا تقل هذا! لا تعينوا الشيطان على أخيكم، والله إني لأعلم أنه يحب الله ورسوله) هذا الرسول صلى الله عليه وسلم يشهد لهذا السكير مرتكب الكبيرة، لكن مسكين وقع في هذه المعصية بحكم ضعفه البشري ولكنه يحب الله ورسوله.
فنحن لا نكفر صاحب الذنب ولو كان كبيراً ولكن نسميه عاصياً، ونسميه فاسقاً، وهو تحت مشيئة الله، إن شاء غفر له، وإن شاء عذبه بقدر معصيته وكبيرته، لكن نهايته إلى الجنة متى ما أقام أركان الإسلام، أما إذا ترك الصلاة، ولو لم يشرب الخمر فهو كافر، ولو لم يسمع الأغاني فهو كافر، لماذا؟ لأن ترك الصلاة كفر يخرج من الملة والعياذ بالله.