هذه هي النفخة الأولى، قال تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ} [الزمر:68] تسمى النفخة المدمرة؛ نفخة مدمرة مهلكة لا يبقى معها حياة، صعق، والصعق هو: الموت والفناء والدمار والهلاك، يصعق الناس فيموتون في لحظة واحدة مع هذه النفخة، نفخة مدمرة يسمعها المرء فلا يستطيع أن يوصي بكلمة واحدة بل يموت لتوه، ولا يقدر أن يعود إلى أهله أو بلاده أو خلانه يقول عز وجل: {مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ * فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ} [يس:49 - 50]؛ لا يستطيع أن يوصي بعد النفخة، ولا يستطيع أن يعود.
وفي الحديث الذي يرويه الإمام مسلم يقول عليه الصلاة والسلام: (ثم ينفخ في الصور فلا يسمعه أحد إلا أصغى ليتاً ورفع ليتاً) والليت: هو الرقبة؛ صفحة العنق.
وأصغى، أي: أمال، فأنت عندما تريد أن تسمع كلاماً كثيراً تميل رأسك وتركز من أجل سماع الصوت، فما يسمع هذه النفخة أحد إلا أصغى ليتاً ورفع ليتاً: (وأول من يسمعه رجل يلوط حوض إبله) أي: ينظف الحوض الذي تشرب فيه الإبل، فقال: (فيصعق ويصعق الناس من بعده) وقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سرعة هلاك العباد فقال: (ولتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما فلا يتبايعانه ولا يطويانه) أي: شخص يشتري ثوباً فينشر الثوب لكي يراه وهو بينهما فلا يبيعانه ولا يطويانه من سرعة الأمر (ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته فلا يطعمه) أي: أخذ اللبن من الناقة فلا يذهب به إلى بيته ليطعمه (ولتقومن الساعة وهو يلوط حوض إبله فلا يسقيها، ولتقومن الساعة وقد رفع أكلته إلى فمه فلا يطعمها) والحديث رواه الإمام البخاري في صحيحه.