الجسر وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع صفات: أنه أدق من الشعر وأحد من السيف، وأحر من الجمر، وأروغ من الثعلب، والعباد مكلفون ومأمورون بالسير عليه إذ لا وصول إلى الجنة إلا بالمرور عليه، والجسر مضروب على متن جهنم، فجهنم من تحت والناس في المحشر والجنة هناك وأنت تريد الجنة فامش إليها.
كيف تمشي في طائرة؟ في سيارة؟ على وسيلة نقل؟ لا، هناك وسيله اسمها: وسائل النقل الإيماني، ووسائل العمل الصالح، الذي قد تجهز بعمل صالح وبإيمان صادق في هذه الدنيا يعبر، ولهذا أخبر عليه الصلاة والسلام: (أن من الأمة من يمر كالبرق الخاطف).
لما رئي سفيان الثوري رضي الله عنه في المنام قالوا: ما صنع الله بك؟ قال: [وضعت قدمي على الصراط والثانية في الجنة] أخذها خطوة كلها، لماذا؟! لأن سفيان عابداً تقياً خائفاً من الله، منهم من يمر كالبرق الخاطف، ومنهم من يمر كالريح، ومنهم من يمر كأجاود الخيل، ومنهم من يمر كشد الرجل أي: مثل عدو الرجل، ومنهم من يمر ماشياً، ومنهم من يمر عابراً يمشي ويتعثر، ومنهم من يحط أول خطوة والثانية في النار.
ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فالله يحشره أعمى ويأمره بأن يسير على الصراط، وكيف يسير وهو أعمى؟! كيف ينظر والجسر أحد من السيف، وأدق من الشعر، وأحر من الجمر، وأروغ من الثعلب؟ لو نصبنا الآن خشباً ووضعناه بين عمارتين طول كل عمارة أربعة أدوار وبين العمارتين عشرون متراً ووضعنا هذا العمود وقلنا للناس امشوا عليه وعرضه (50سم) من يقدر أن يمشي عليه؟ لا أحد يستطيع أن يمشي، وإذا مشى فسيمشي وهو خائف جداً، والسقوط أقرب.
لكن السقوط في نار جهنم سبعين خريفاً، يقول عليه الصلاة والسلام وقد سمع وجبةً وهو مع أصحابه -أي: رجة-: (أتدرون ما هذه؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ذاك حجر ألقي في شفير جهنم لم يصل إلا اليوم له سبعون خريفاً ما وصل إلا اليوم) اللهم صلِّ وسلم على رسول الله.
فسبب حشر الله له أعمى: أنه كان أعمى في هذه الدنيا، كان مبصراً في كل شيء إلا في طاعة الله، أما في دين الله فهو أعمى لا يعرف شيئاً في دين الله ولا يريد دين الله، وإذا قلت له: تعال -يا أخي! - تعلم دين الله، اجلس في مجالس العلم، انتقل من بيتك واركب سيارتك وابحث عن العلم، أين طلبة العلم، أين الندوات، أين الحلقات، اذهب إليها، قال: شغلتونا دعونا نسمر ونمسي، أشغلناه بطاعة الله، يريد أن يعيش أعمى ويموت أعمى، قال الله: {وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً} [الإسراء:72] {وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى} [طه:124 - 126].