أخي الكريم: اعلم -كمقدمة- أن الجنة فوق ما تقرأ وما تسمع وما تتصور، وأعظم مما يخطر في بالك؛ لأن الإدراك لا يمكن أن يحيط بما في الجنة، والله يقول: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ} [السجدة:17] لا تعلم ما أعدّ لك في الجنة؟ {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة:17] تصور الآن حين يقال لك: إن زوجتك في الجنة حورية، تصور بكل خيالك جمال هذه الحورية! اذهب بخيالك إلى كل مذهب وتصور كل تصور للجمال ثم سيقف تصورك ولا يمكن أن يصل إلى تصور ما أعد الله لك من الحور العين؛ لأن الله يقول: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة:17].
يقول ابن عباس رضي الله عنه في تفسير قول الله عز وجل: {وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة:25] قال: [لا يشبه شيء مما في الجنة مما في الدنيا إلا في الأسماء] التشابه فقط في الأسماء، يعني: يوجد خمر في الدنيا، لكن هل خمر الجنة مثل هذا؟ لا.
ويوجد لبن في الدنيا، لكن هل لبن الجنة مثل هذا؟ لا.
وتوجد نساء في الدنيا، لكن هل حور الجنة مثل نساء الدنيا؟ لا.
قصور الجنة، أنهار الجنة، ولدان الجنة، طعام الجنة، لباس الجنة، شراب الجنة، كل ما في الدنيا لا يمكن أن يساوي ما في الجنة إلا في الأسماء فقط، أما في الحقائق والكيفيات فقد نفى الله ذلك، يقول عليه الصلاة والسلام فيما يرويه الإمامان البخاري ومسلم في الصحيحين، قال الله عز وجل: (أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، اقرءوا إن شئتم: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة:17]).