وجوب الحكمة في دعوة الآباء إلى الخير

Q هناك من الشباب من منّ الله عليهم بالهداية لكنهم يخطئون في تعاملهم مع آبائهم الذين يظهر عليهم آثار الفسق، فيهجرونهم ويرمونهم بألفاظ لا تليق مثل: يا فاسق، أرجو توجيه النصيحة لهؤلاء؛ لأنهم كثيرون والله المستعان، وجزاك الله خيراً؟

صلى الله عليه وسلم سبق أن قلت -أيها الإخوة- في مثل هذه الليلة: إن مسئولية الشاب المهتدي كبيرة إزاء والديه، وعليه أن ينجح أولاً في دعوته، ولا يستعجل ولا يستبق الأحداث، عليه أن يدعوهم إلى الله باللطف وبالحكمة وبالخدمة وبالتفاني في أداء الواجب لهما حتى يهديهم الله، أما أن تحمل عليهما وأن تقول: يا فاسق، وأنت قليل دين، ولا يوجد فيك خير لا.

أبداً، هذا ليس أسلوباً، الله تعالى يقول: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ} [العنكبوت:8] يعني: إذا هم جاهدوك {وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا} [العنكبوت:8] لكن ماذا؟ {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً} [لقمان:15] حق الوالد عظيم جداً عند الله عز وجل، مهما كان عاصياً، أو فاسقاً فلا ينبغي لك أن تواجهه بشيء من الشدة، بل عليك أن تتلطف معه، وتدعوه بالحسنى، وتدعو الله له، وتخدمه، وتحبب نفسك إليه حتى يطيعك؛ لأنه إذا أحبك أطاعك، أما إذا بغضته فيك، وتقول له: أنت كذا وكذا، وأنت لا تصلي، ينظر لك هو بمنظار هو نفس منظارك، وتبدأ الجفوة بينك وبينه، وتزداد الهوة، وبالتالي هو أقدر منك وأقوى عليك، ربما يردك عن الدين ويحول بينك وبين الهداية، ولكن أرضه وأطعه في غير معصية الله عز وجل، وتودد إليه، وكن خدوماً له، يستجيب لك بإذن الله عز وجل، وفي الليل ادع الله له؛ لأن أعظم وسيلة للهداية الدعاء: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر:60].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015