أيها الإخوة في الله! من أعظم النعم التي يمن الله بها على الإنسان في هذه الحياة، نعمة الإيمان والدين، ومن أعظم وأجل النكبات وأخطر العقوبات التي يُعاقب بها الإنسان في هذه الحياة، هي عقوبة الحرمان من نعمة الإيمان والدين، فمن أكرمه الله بنعمة الهداية فقد أُكرم وأُنعم عليه بأعظم نعمة، ومن حُرم هذه النعمة فقد عُوقب بأعظم عقوبةٍ ينالها في الدنيا والآخرة.
ذلك -يا عباد الله- لأن النعم إنما تعرف بآثارها ونتائجها؛ فكلما كان أثر النعمة كبيراً كان قدرها كبيراً، وأثر نعمة الإيمان لا ينحصر في هذه الدار، إنه أثرٌ يرافقك أيها الإنسان! عبر رحلتك الطويلة التي تقطعها منذ أن تُولد حتى تستقر قدمك إما في الجنة وإما في النار، الإنسان في سفر وفي رحلة وفي مراحل، رحلة الحياة، ثم رحلة الموت، ثم رحلة الحياة البرزخية في القبر، ثم رحلة الحياة يوم القيامة، ثم آخر محطة يقف فيها الإنسان خلودٌ في الجنة لأهل الإيمان -جعلنا الله وإياكم منهم- أو خلودٌ في النار لمن حُرم نعمة الإيمان -أعاذنا الله وإياكم منهم-.
فنعمة الإيمان معك في الحياة، وعند الموت، وفي القبر، وفي الحشر، ومعك إلى أن تدخل الجنة، وعقوبة الحرمان من نعمة الإيمان لعناتٌ في الدنيا، وغضبٌ من الله عند الموت، وعذابٌ في القبر، وفي الحشر، وفي النار، أعاذنا الله وإياكم من النار.
لذا كان حريَّاً بالعقلاء أن يكون تركيزهم على الحصول على نعمة الإيمان والدين، لا تفكر كثيراً ولا تشتغل كثيراً بغير هذه النعمة، فإنك بالإيمان تكسب كل شيء، ولا تخسر شيئاً، تكسب الدنيا والآخرة، وبغير الإيمان والدين تخسر كل شيء، ولا تكسب شيئاً، ما الذي يكسبه البعيد عن الله، ما الذي يكسبه المجرم والكافر والفاجر يكسب الغضب والسخط واللعنات والبعد عن الله ومخالفة أوامر الله عز وجل.