الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأسعد الله هذه الوجوه الطيبة، وأسأل الله كما جمعنا في هذا المكان الطاهر على طاعته أن يجمعنا جميعاً في دار كرامته.
أما موضوع الكلمة التي سوف أتكلم بها هذه الليلة، فهي بعنوان: " اتقوا فراسة المؤمن، فإنه ينظر بنور الله "،كل إنسان يمتلك حاسة البصر، وعنده أيضاً حاسة سادسة اسمها: البصيرة أو الفراسة، أما سائر الحيوانات والمخلوقات الأخرى فهي تمتلك حاسة البصر، وتمتلكها بقدر أكبر من امتلاك الإنسان لها، فعين الثور كبيرة، وعين الطائر ترى دقيق الحب من جو السماء، فالطائر الصغير عينه مثل حبة الذرة، ولكنه يطير في السماء ويرى حبة الذرة في الأرض، فينزل ويأخذها ففيها حدة، وعين الغراب دقيقة جداً لكنها عيون مادية تبصر في حدود مادية.
والإنسان ببصره وبمقدار الرؤية وبموازين النظر التي عنده له مثل ما عند الحيوانات مع بعض الفوارق، أما الحاسة السادسة والنور الداخلي الذي هو البصيرة، فهذا لا يملكه إلا الإنسان المؤمن الذي فتح الله بصيرته، وبمقدار قوة البصيرة عند الإنسان وضعفها تتحدد سعادة الإنسان أو عكسها، فكلما كانت بصيرة الإنسان نافذة، وميدانها واسع، ومسافتها بعيدة، كان مردود السعادة عليه في الدنيا وفي الآخرة أعظم.