Q نريد منكم يا فضيلة الشيخ! نصيحة للشباب المسلم غير المتزوج الذين طغى عليهم الجنس وممارسته بطرق غير مشروعة؟
صلى الله عليه وسلم الجنس غريزة موجودة في كل كائن، والله شرع لنا وسيلة لتفريغ هذه الغريزة عبر مسار نظيف اسمه: مسار الزواج، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: (يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة -أي: النفقة والقدرة على الزواج- فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج) هذا الزواج، (ومن لم يستطع) فعليه بيده! مثل ما يفعلونه الآن ويسمونها العادة السرية، أي: نكاح اليد؛ لأن العصاة والمجرمين قدموا المعاصي في قوالب مقبولة بتسميات مختلفة، فيسمون نكاح اليد: عادة سرية، التي بها لعنة الله ورسوله، والتي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه يأتي يوم القيامة ويده حبلى له؛ يبعث يوم القيامة ويده مثل الجبل فيها ستمائة أو سبعمائة ولد، ما هذا؟ قال: هؤلاء عيالك في الدنيا، لا إله إلا الله!! نكاح اليد محرم، وفيه فتوى صادرة من هيئة كبار العلماء، نحتفظ بها، وهي موقعة من كبار العلماء، ولا تنظروا لمن قال لكم: إنها أهون من الزنا، الباطل لا يحارب بباطل، والبديل لا يكون منكراً، الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (فعليه بالصوم) فقط، وقال الله في الآية الكريمة: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المعارج:29 - 30] فقط، زوجتك أو ملك يمينك، ثم قال {فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ} [المؤمنون:7] أي شيء حتى ولو يده: {فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} [المؤمنون:7] أي: المعتدون على حرمات الله عز وجل، فأنت أيها المسلم! إن استطعت أن تتزوج فالحمد لله، وإن لم تستطع أن تتزوج فعليك وسائل تتبعها حتى تقلل من لهيب الجنس ولوعته في قلبك: أولاً: غض بصرك ولا تفتح عينك؛ لأن الشاعر يقول:
والمرء ما دام ذا عينٍ يقلبها في أعين الغير موقوف على الخطر
غض البصر؛ لأن غض البصر هذا من أعظم وسائل الحماية للإنسان.
ثانياً: لا تستمع للأغاني؛ لأنها تهيج الشهوة إلى جانب كونها محرمة؛ لأن الغناء كله يتحدث عن الحرام، ليس فيه كلام إلا: يا ليل، ويا عين، ويا حبيبة، ويا طولها، ويا عرضها فقط، كلام فاضٍ، فلا تسمع الأغاني بأي حالٍ من الأحوال.
لا تنظر إلى النساء، وغض بصرك، وكذلك لا تنظر إلى المسلسلات والروايات والمسرحيات؛ لأنها تحرض على الجنس والحب والغرام والعشق والهيام.
أيضاً: لا تقرأ في كتب الروايات، ولا تشترِ المجلات؛ لأن فيها أصحاب الصور العارية الرخيصة.
أيضاً: لا تفكر في هذه الأمور تفكيراً يستغرق عليك وقتك، وإنما إذا جاءك التفكير قم إلى القرآن، خذ المصحف واقرأ القرآن، أو قم إلى الصلاة، وبعد ذلك عليك بالصوم وهو أول وأفضل دواء، كما قال عليه الصلاة والسلام، وإذا كنت تقول: كيف أصوم؟ فلتصم الإثنين والخميس من كل أسبوع، أو تصم ثلاثة أيام من كل شهر، فإنه -إن شاء الله- يعينك إذا قصدت بذلك وجه الله تعالى، والاستعانة على كبح الشهوة في نفسك، فهذا دواء ناجع بإذن الله تعالى، وإذا ابتليت بحكم جاهليتك في الماضي بالتعرف على فتاة، ووقع في قلبك ميلٌ نحوها، فابحث من الآن إمكانية الزواج بها، قبل أن تتخرج، دع أهلك يتقدمون لها، أو يعقدون لك عليها، فإن كانت الطرق مهيأة، والسبل ممكنة، وأهلها موافقون، فحاول أن تعقد، وإذا صارت زوجتك فأحبها كثيراً، لا نقول لك: لا؛ لأن الحب الحلال حلال، واذهب وتكلم واجلس معها.
وإن كنت بحثت عن الطريق الموصل إلى الزواج بهذه البنت وقالوا لك: لا.
والله لا نزوجك، رفض أبوها أو رفضت أمها، أو رفض أبوك أو رفضت أمك، وطبيعي أنك لن تتزوج بفتاة غصباً عن أبيها وأمها، أتأخذها غضباً؟! لا، لا بد من رضا الولي: (لا نكاح إلا بولي وشاهدين)، فإذا عرفت أن الطريق مسدود إلى الزواج بها، فإن البقاء في العلاقة معها لا طائل تحته، لماذا؟ لأنك تلهب قلبك وليس هناك طريقة للحل؛ لأن أصل الحب هو ميل المرأة إلى الرجل، ولا يمكن أن يطفئه إلا اللقاء بها، ولا يمكن ذلك إلا عن طريق الزواج، وإذا تم اللقاء بها من غير زواج يزيد النار لهيباً هل هو حلال أن تزني بها؟ أو أن تجلس معها؟ بل هو حرام وليس بحلال، صحيح أنه يغضب الله، ومعصية من معاصي الله، وكبيرة من كبائر الذنوب، ولكن إلى جانب ذلك مشكلة عليك أنت، لا تنحل المشكلة، لا يحل مشكلتك من حب الفتاة إلا الزواج بها، فإن كان الزواج ممكناً فالحمد لله، وإن كان غير ممكن فقف واقطع طريق الرجعة عليها وعلاقتك بها، وافصلها بحزم الرجال وقوة الأبطال، ولا تفكر في شيء حتى تتزوج، ثم إذا تزوجت كما مال قبلك إلى الأولى سيميل قلبك إلى زوجتك؛ لأن بعض الناس يقول: لا والله إني لو أخذت مائة امرأة أني ما أحب إلا تلك، نقول له: لا والله إنك تحب زوجتك أكثر منها، وشيء مجرب، أول شيء كيف أحببت هذه وأنت كنت لا تعرفها؟ من طريق تعرفك عليها، أو رأيتها وكلمتها، وكذلك زوجتك الجديدة إذا تزوجت بها، إذا رأيتها وجلست معها ستحبها أكثر من تلك إن شاء الله.
وبعضهم يقول: كيف أفعل؟ نقول: أنت رجل مؤمن وعاقل، تعرف أنك بهذا الكلام والاتصال والمراسلة، أو بأي اتصال مع المرأة، تعرف أنك لا يمكن أن تلتقي بها عن طريق الزواج، إنما تدمر نفسك وعرض مسلم وعرضها، وبعد ذلك النهاية فشل في فشل، فمن الآن كن قوي الإرادة، عظيم النفس، عالي الهمة، أعلن التمرد القوي على نفسك وعلى عاطفتك وقل لها: والله لا يمكن، وقد وضعت هذا الجواب لشخص من الشباب، وكان رجلاً حقيقةً بارك الله فيه ووفقه، والآن عنده ولدان من زوجته الجديدة، فقد جاءني وهو يبكي من لوعة الحب في قلبه تجاه بنت رفض أبوها أن يزوجه إياها، وقال له: والله لا تنكحها وأنا حي، فجاء الولد يقول: ماذا أفعل؟ رفض أن يزوجني، قلت: ماذا تريد؟ تريد أن تغصبه على ابنته، لو أن عندك بنتاً ورفضت أن تزوجها لشخص، هل يغصبك أحد على ابنتك؟ هذا يكون في غير الإسلام، يكون في الشيوعية، أما نحن فمسلمون، هذه ابنتي لا أزوجها إلا ممن أريد، وكذلك هذا الرجل هو حر في اختيار زوج ابنته، أنت لا تصلح لها، ولهذا هو ما يريدك يا أخي! قال: ماذا أفعل؟ قلت: الآن اتصل بها.
فاتصل من مجلسي وأنا أمليه الكلام في ورقة، كلاماً شديداً قوياً، وعندما أكمل قلت له: ابصق في وجهها، فبصق في التلفون في وجهها، فهي وضعت السماعة؛ لأن عندها كرامة عندما تكلم عليها وقال: أنتِ خبيثة، وأنتِ مجرمة، وأنا لا أريدكِ، وأنا أعلن قطع الصلة بكِ، ومن الآن لا تكلميني ولا أكلمكِ، ووضع السماعة وذهب الرجل، وبعد يومين جاءني وقال: اتصلت بي، قلت: ماذا فعلت؟ قال: تفلتها، قلت: وهي ماذا صنعت؟ قال: بكت، قلت: فما موقفك أنت؟ قال: والله يا شيخ! يوم أن بكت تألم قلبي، قلت له: أنت ضعيف، أنت لا تصلح للجنة، تريد الجنة وأنت عبد شهوتك! كيف تعلن عبوديتك لله ثم تصير عبداً لامرأة، حرامٌ عليك! ثم قلت له: ارفع السماعة، فرفع السماعة وقال لها مثل كلامه الأول، فردت عليه وقالت: الله لا يردك، ولعن الله أباك وأمك، قالتها له، ويوم لعنت أمه وأباه، يقول: والله إن الله أخرج حبها من قلبي كما تخرج الشعرة من العجين، قلت: اذهب وابحث لك عن امرأة الآن، فذهب وتزوج بامرأةٍ، وبعد ما عقد عليها ودخل بها أحبها، وصار عنده ولدان منها، يقول لي: والله إني من أسعد الناس بهذه الزوجة.
فقضية الجنس ولهيبه لا تعالج بأنك تبكي، فإنك إذا أتيت على نار مشتعلة هل تطفئها أم تؤججها؟ إذا أججتها التهبت، وإذا أطفأتها خمدت، فإذا كان عندك شيء في قلبك كبشرٍ فأخمد هذه الشهوة بعدم سماع الغناء، والنظر إلى النساء، وقراءة المجلات والخزعبلات، والنظر إلى المسرحيات، وقراءة الروايات، وبعد ذلك صم، والله يوفقنا وإياكم، والحمد لله رب العالمين.