Q أي الطريقين أفضل: أن أمكث بمصحفي في محرابي متفرغاً لعبادة الله، هارباً من غضب الله، وأستزيد من الأجر، أو أن أدعو إلى الله، وهذا الطريق بلا شك أنه أقل من الأول في كسب الأجر، فأي الطريقين أسلك؟
صلى الله عليه وسلم من قال لك: إن الطريق الثاني هو أقل أجراً من الطريق الأول؟ بل العكس، الطريق الثاني هو أعظم أجراً وأبقى وأدوم من الطريق الأول، الطريق الأول طريق منفعته لازمة لك فقط، حسنات تجمعها لنفسك، لكن الطريق الثاني طريق منفعته متعدية إلى غيرك.
إذا دعوت إلى الله، وهدى الله على يديك رجلاً واحداً فإنه خير لك من حمر النعم، أو خير لك من الدنيا وما عليها، وأيضاً فإن هداية الإنسان الواحد على يديك ستكون كل أعماله من صلاة وزكاة وصيام وحج وبر وكل حسناته، تأتي يوم القيامة تجدها صورة كأصل في ميزان حسناتك؛ لأن من دل على هدى كان له مثل أجر فاعله دون أن ينقص من أجر صاحبه شيء، ومن دل على إثم أو ضلال كان عليه من الوزر مثل ما على فاعله دون أن ينقص من وزر فاعله شيء.
فعملية الجلوس في المحراب متضرعاً تقرأ، هذه ليست طريقة الرسل، هل بعث الله الرسل على هذا المنوال، وتركهم يجلسون في المساجد والزوايا يعبدون الله ويتضرعون؟ لا أبداً.
بعث الله الرسل في أواسط أقوامهم وكلفهم بحمل الرسالة، ثم لما انتصر الدين هل جلس الصحابة في مكة والمدينة يتعبدون أم تشتتوا وتفرقوا وماتوا في كل بقاع الأرض؟ ما من بقعة في السند ولا في الهند ولا في الشرق والغرب إلا وفيها قبر مسلم، كان في إمكانه أن يجلس في زاوية من الزوايا ويقرأ ويتعبد، لكن لا، ما هذا بصحيح، الطريق الدعوة والانتقال بها، ودعوة الناس لكن على هدي الرسول صلى الله عليه وسلم: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ} [يوسف:108] الذي لا يدعو إلى الله على بصيرة لا يدعو إلى الله حقيقة، بل يدعو إلى الشيطان وإلى نفسه: {أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [يوسف:108] نسأل الله لي ولك أن نكون من أهل البصيرة في دين الله.