الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد: أيها الإخوة في الله! يروي أهل السنن دعاءً مأثوراً عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأفضل الأدعية، وأعظم الأذكار ما كان مأثوراً عنه صلوات الله وسلامه عليه؛ لأنه أعرف الناس بربه، وأعبدهم لله عز وجل، فإذا أردت أن تدعو أو أن تذكر الله، فابحث عن الدعاء المأثور الذي نقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا مانع من أن تدعو بما شئت ولكن إن أردت الأفضل فأفضل الدعاء هو دعاؤه صلوات الله وسلامه عليه.
أُثر عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: (اللهم إني أسألك حبك، وحب من يحبك، وحب كل عملٍ يبلغني حبك، اللهم اجعل حبك أحب إليَّ من نفسي وأهلي، ومن الماء البارد على الظمأ) هذا الدعاء يتضمن رغبة النبي صلى الله عليه وسلم في نيل محبة الله عز وجل؛ لأنه إذا أُحب من قبل الله فقد ضمن النجاة، إذ أن الله إذا أحب عبداً لم يعذبه، إذا أحب عبداً تولاه، إذا أحب عبداً سدده ووفقه وهداه، فكان يسأل صلوات الله وسلامه عليه من ربه أن يرزقه حبه، وحب كل عملٍ يقربه إلى حبه، ثم يطلب أن يكون حبه لله أحب إليه من النفس ومن الأهل ومن الماء البارد على الظمأ.
وأيضاً يروي الترمذي مع أهل السنن حديثاً آخر فيه دعاءٌ مماثل يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم ارزقني حبك، وحب من ينفعني حبه عندك) تأملوا دقة الألفاظ النبوية.
ثم يقول: (اللهم ما رزقتني مما أحب فاجعله قوةً لي فيما تحب) أي: ما رزقتني من مال، وما رزقتني من جمال، وما رزقتني من منصب، وما رزقتني من جاه، وما رزقتني من أولاد، وما رزقتني من زوجات، وما رزقتني من ثروات (اللهم ما رزقتني مما أحب فاجعله قوةً لي على ما تحب) صلواته وسلامه على الرسول صلى الله عليه وسلم، اجعل المال الذي رزقتني وأنا أحبه قوةً لي فيما تحبه من العمل الصالح، واجعل المنصب الذي أنا أحبه قوةً أستعين به على ما تحب من العمل الصالح، واجعل الزوجة والأولاد والجاه والعمارة والسيارة، واجعل كل شيء رزقتني وأنا أحبه قوةً لي فيما تحب.
إذ أن من الناس من يرزق من هذه النعم فيجعله قوةً على ما يبغضه الله عز وجل، يستعين بالمال على معصية الله، ويستعين بالمنصب على معصية الله، ويستعين بالزوجة على معصية الله، ويستعين بالأولاد على معصية الله، ويصرف كل هذه النعم التي مَنَّ الله بها عليه في معصية الله، فيستعيذ النبي صلى الله عليه وسلم بالله، ويسأل الله عز وجل أن يجعل كل ما يرزق مما يحب عوناً وقوةً له فيما يحب تبارك وتعالى.
ويقول: (اللهم اجعل ما زويت عني مما أحب) ما زويت وما صرفت ولم تعطني إياه مما أحب.
وحب الطمع: لا تطمع فيما عند الناس؛ لأن الناس لا يملكون شيئاً أصلاً، والناس أيضاً فقراء، والله لو كان الشخص منهم مليونيراً وعنده ملايين الدنيا فإنه فقير؛ لماذا؟ يخاف على المال، لكن إذا طمعت فيما عند الله عز وجل أغناك الله، وعلم الله منك صدق التوجه واليقين، وصدق العبودية فيغنيك الله من فضله، ولا تطمع فيما في أيديهم فيعطيك الله، فازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس، واطمع فيما عند الله يحبك الله تبارك وتعالى.