وعن ميمون بن مهران قال: نظر رجل من المهاجرين إلى رجل يصلي وكان يسرع فيها فعاتبه، قال: إني ذكرت ضيعة لي، يعني: مزرعتي ذكرتها، قال: ضيعته الضيعة من صلاته؛ لأنه استعجل فيها.
وكان أبو وائل إذا صلى في بيته يسمع له نشيج، وكان يقول وهو ساجد: اللهم اغفر لي، رب اعف عني، إن تعفو عني ففضلاً من فضلك، وإن تعذبني غير ظالم لي ولا مسبوق، ثم يبكي حتى يسمع نحيبه وراء المسجد.
وكان إبراهيم التيمي إذا سجد تأتي العصافير وتستقر على ظهره كأنه حائط.
وكان أحد السلف في مسجد من البصرة انهدم المسجد واحترق وهو في طرف المسجد فلم يشعر، وجاءوا وأطفأوا النار، ولما أكمل صلاته قال: ماذا هناك؟ فقد كان قلبه بين يدي الله.
وهذا عروة بن الزبير أصابته الآكلة التي يسمونها في الطب (الغرغرينا)، فأوصاه الأطباء بقطع رجله، فقطعوا رجله بدون تخدير، قالوا: نخدرك، قال: لا.
والله لا أشرب مسكراً، تريدونني أغفل عن ذكر الله، ولكن إذا دخلت في الصلاة فاقطعوا رجلي، ولما دخل في الصلاة جاءوا إلى رجله وقطعوا اللحم ثم نشروا العظم ثم أحضروا الدهن المحمي، ثم وضعوا رجله فيه حتى يكف الدم وبعد ذلك سلم.
وبعد ذلك دخل على عبد الملك بن مروان أو أحد السلف، فلما دخل عليه وإذا بذلك الرجل العبسي فيأتي من بلاده وقد عميت عيناه وليس معه شيء، قال: ما شأنك؟ قال: أمسيت وما في عبس أعظم غنىً مني، كان لي وادٍ مملوء بالغنم والإبل والأولاد والأهل، فجاء سيل على غير مطر لا أدري من أين جاء، يقول: فحمل جميع مالي وأهلي وما أبقى لي إلا طفلاً رضيعاً في شجرة معلق وبعير.
يقول: فأخذت الطفل وتركت البعير أريد أقطعه، يقول: فنفخني برجله فأذهب عيناي، يقول: فعدت إلى الطفل أن آخذه؛ لأنه قد أخذه من الشجرة ووضعه في الأرض، يقول: فوجدت الذئب قد لقطه، فأصبحت بغير ولد ولا عين ولا امرأة ولا مال، وما أصبح في الأرض أشقى مني، فدعا بـ عروة، وقال: تعال يا عروة! لتعلم أن في الأرض من هو أعظم مصيبة منك.
كذلك كان سعيد بن جبير يردد إذا قرأ قول الله عز وجل: {وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} [البقرة:281]، وكان إذا أتى على قول الله عز وجل: {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ * إِذْ الأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ * فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ} [غافر:70 - 72]، قال: كان يرددها مرتين أو ثلاثاً ثم يبكي.
هذه بعض قصص السلف ونحن نذكرها ونشكو أمرنا إلى الله، ولكن يا إخواني! هذه وصية والله ما اخترتها إلا لحاجتي إليها فأنا من أشد عباد الله غفلة في الصلاة، وأسأل الله أن يتوب عليَّ وأن يأخذ بي إلى ساحل النجاة، قلت: أعظ نفسي أولاً ثم أعظكم، وأرجو أن ينفعني الله بها وينفعكم بها في صلواتنا والحمد لله، فقد عزمنا على أن نكون عباداً الله، ولكن ما دمنا نصلي فلماذا لا نجاهد أنفسنا حتى نكون في جهاد وصلاة، أو نكون مقربين، أو مثابين.
أسأل الله الذي لا إله إلا هو أن يعيننا وإياكم على شكره وذكره وحسن عبادته إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والله أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.