Q ما رأيك يا شيخ في الذين يستهزئون بالدين، وخاصة أن هناك من إذا رأوا الملتزمين الذين لا يسبلون ثيابهم غمزوهم وسخروا منهم، وتراهم في المجالس لا يذكرونهم بخير أبداً، بل يغتابونهم آناء الليل وأطراف النهار، فأصبح أمرهم كذلك؟
صلى الله عليه وسلم هذا العمل سماه الله تعالى إجراماً، وسمى الله الذين يقومون به مجرمين، فقال: {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ} [المطففين:29]، وعده الله سبحانه وتعالى كفراً، وأثبت كفر مرتكبه في القرآن إلى يوم القيامة، الذي قال في غزوة تبوك قال: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء -أي الرسول وأصحابه- أرغب بطوناً وأجبن عند اللقاء، فقائل هذا الأمر يمزح وليس بصادق، فهو يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أعف الناس بطناً وأشجع الناس صلى الله عليه وسلم، ولكن قالها مزحاً فنزل القرآن من السماء: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ} [التوبة:65] يعني نمزح ما كنا جادين، كما يقولون، قال الله: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة:65 - 66] فالله سبحانه وتعالى أثبت لهم إيماناً ثم نفاه عنهم، وأثبت لهم الكفر بكلمة تكلموا بها.
فلا تقل: أنا أمزح، لا.
كل شيء تمزح فيه إلا الدين؛ لأن الدين له حصانة، والذين يمثلون الدين هم العلماء، والدعاة، والملتزمون؛ ولهم حصانة، وإذا استهزأت بهم استهزأت بالله؛ لأن هذا الرجل ما استهزأ بالله، بل استهزأ بالرسول وأصحابه، ولكن الله سبحانه جعل هنا الاستهزاء به وقال: {قُلْ أَبِاللَّهِ} [التوبة:65] رغم أن الرجل ما قال شيئاً في الله، بل قال في الرسول وأصحابه فقط، فجعلها الله سبحانه استهزاءً به.
فلما تهزأ باللحية، فأنت لا تهزأ بالشخص الذي أطلقها، بل تستهزئ بالنبي الذي أمر بها؛ لأن هذه سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وعندما تهزأ من رجل قصر ثوبه واتبع السنة، فأنت لا تستهزئ بالرجل، ولكن تستهزئ بالذي أمره بهذه السنة، ولذلك انتبه يا أخي! عليك أن تقف عند حدك فيما يتعلق بشيء من ذلك، فلا تستهزئ بالأئمة، ولا بالمؤذنين، ولا بالدعاة، ولا بالقضاة، ولا بالعلماء، ولا بأي شيء فيه دين الله، حتى أن بعض الناس عندهم نكت، يأتون بها على بعض الآيات، أو الأحاديث، أو الأئمة، لا.
النكت ابحث لها عن مكان آخر؛ لأن دين الله حق، ولا يقبل الاستهزاء ولا السخرية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.