أثر الإخلال بإحدى حقائق الإيمان

هذه -أيها الإخوة- هي حقيقة الإيمان، فلا يكفي أن تأتي بواحدة، من قال: آمنت بلسانه، ولم يصدق بقلبه، ويعمل بجوارحه؛ فهو منافق.

ومن زعم أنه مؤمن بقلبه، ولم يعلنها، وعمل، ولكن لم يقل: (لا إله إلا الله)؛ فهو كافر ولو عمل، فـ أبو طالب قام بأعمال عظيمة لا يقوم بها أحد، من حماية الإسلام، والدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم، لكنه لم يقل: (لا إله إلا الله) حتى قال له الرسول صلى الله عليه وسلم: (يا عم! قل: لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله) أي: أتخذها حجة؛ لأنك عملت بعمل عظيم، الرجل آمن بأن النبي رسول حق من عند الله، ولهذا قال في أبيات شعرية له:

ولقد علمت بأن دين محمدٍ من خير أديان البرية دينا

لولا الملامة أو حذار مسبة لوجدتني سمحاً بذاك مبينا

فهو عرف أن الدين حق، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم صادق، ولكن ماذا منعه؟ خشي أن يلومه أحد من الناس؛ لأنه أسلم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم في آخر لحظة من حياته: (قل: (لا إله إلا الله) يا عم!) قال: هو على ملة عبد المطلب، فما نطق بـ (لا إله إلا الله) فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (والله لأستغفرن لك! ما لم أُنْهَ عنك) فلماذا يستغفر له النبي صلى الله عليه وسلم؟ ليس بدافع القرابة، وإنما بدافع المواقف المشرفة التي كان يفعلها أبو طالب معه، ثم إن الله سبحانه وتعالى نهى النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين أن يستغفروا للمشركين، وقال: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [التوبة:113].

فالإنسان إذا لم ينطق بـ (لا إله إلا الله) وآمن بقلبه، وعمل بجوارحه؛ فهو كافر.

ومن عمل بجوارحه الأعمال الصالحة، ولكنه ما نطق بلسانه، ولا اعتقد بقلبه؛ فهو أيضاً كافر، الآن في الشرق والغرب في العالم، أناس يعملون الصالحات، إذا رأيتهم تقول: هذه أعمال أهل الإسلام.

فإذا قالوا صدقوا، فلا يكذبون، بعض الكفار لا يكذب أبداً بأي حال من الأحوال، وإذا وعدوا لا يخلفون، ولهذا إذا قال لك أحد: موعد، تقول له: نعم.

قال: موعد إنجليزي؟ تقول: إنجليزي، يعني: موعد مضبوط (100%) أما وعد المسلم فكذب، يقول: آتيك الساعة السادسة، ويأتيك الساعة الثامنة، فلا إله إلا الله! وإذا اشتغلوا في صناعات لا يغشون، فتفتح العلبة وتجدها مليئة إلى آخرها، ولا ينقص منها شيء، بينما المسلمون يغشون، إذا باع الطماطم يضع الفاسدة بالأسفل والجيدة بالأعلى، ويدقدق العلبة من الجوانب من أجل أن توفر له شيئاً من الطماطم، ذلك عمل صالح: كونه صادقاً في صناعته، ومتقناً في شغله -أيضاً- وفي دوامه: إذا كان يعمل في شركة، والدوام يبدأ الساعة السابعة تجده الساعة السابعة وهو حاضر، ولا ينصرف إلا نهاية الدوام بالضبط، ولا يمكن أن يخرج من العمل في الدولة، أي عمل؛ أو في الشركة أو في العمل دقيقة واحدة، بينما تجد بعض المسلمين يتلاعب، يأتي الساعة التاسعة ويوقع: السابعة والنصف، وهو يعرف أنه كاذب، وينصرف الساعة الواحدة ويكتب الانصراف: الثانية والنصف، ويمرر وقت الدوام في الكلام، وقراءة جرائد، وتلفونات، وضحك، وغير ذلك، وأعمال المواطنين عنده أكوام، وكلما جاء مراجع، قال له: غداً، فالمعاملات كثيرة، ويدعي شهادة: أن لا إله إلا الله محمد رسول الله، وهذا مخطئ، وذاك مخطئ، والحق أن تقولها بلسانك، وأن تعتقد بقلبك، وأن تطبق بجوارحك.

فهؤلاء الكفار رغم أنهم يصدقون في أقوالهم، ويوفون بوعودهم، ويخلصون في أعمالهم لكن هل ينفعهم هذا عند الله يوم القيامة؟ {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [هود:16] لأنهم ما قالوا: آمنا بالله، ولا قالوا: (لا إله إلا الله محمداً رسول الله)، هذه أيها الإخوة حقيقة الإيمان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015