باب النظر

الباب الرابع: باب النظر: وهذا مهم جداً وخطير، ومن يفتح عينه في الحرام يعمي الله بصيرته عن الحق؛ لأن الجزاء من جنس العمل، ومَن غض بصره فتح الله بصيرته، ومن أطلق بصره أغلق الله بصيرته، وطمس على قلبه والعياذ بالله، والله تعالى يقول: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} [النور:30] والذي يفتح عينه على الحرام -والعياذ بالله- فهو يبرهن على أنه لا يخاف الله، إذ أن النظر هو أول الطرق وأول الخطوات في الفواحش، والذي يغض بصره ابتداءً لا يقع في الفاحشة، ولكن من أطلق بصره قاده الشيطان إلى الخطوة الثانية، فإذا كان ينظر اليوم فانتظره بعد أيام، تجده يبدأ يتكلم ويتصل، وبعد الاتصالات تتطور؛ لأنها خطوات والله يقول: {لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} [النور:21] ما قال خطوة الشيطان، بل خطوات الشيطان، فالشيطان لا يجرك إلى الزنا في خطوة واحدة؛ لأنه لا يستطيع عليك بإيمانك، ولكن يقول: انظر، وبعد ذلك ينقلك إلى الكلام، ثم إلى المواعيد واللقاءات، ثم إلى الفاحشة والزنا ثم إلى النار والعياذ بالله.

فغض البصر من أعظم أسباب وقاية القلب؛ لأن النظر سهم مسموم من سهام إبليس، وتصوروا سهماً مسموماً يفتك ويفري، أرسله عدوك الشيطان إبليس، كيف يكون فعله في القلب؟!! قال قائل:

كم نظرة فتكت في قلب صاحبها فتك السهام بلا قوس ولا وتر

والمرء ما دام ذا عين يقلبها في أعين الغير موقوف على الخطر

يسر ناظره ما ضر خاطره لا مرحباً بسرور جاء بالضرر

كل الحوادث مبدؤها من النظر ومعظم النار من مستصغر الشرر

أجل.

واجبك -يا أخي- أن تغض بصرك، وأن تعلم أن النظر لا يفيدك، بل يحرق قلبك، ويغضب ربك، ويرضي شيطانك، وتهتك به عرض أخيك المسلم، وكما أنك لا تحب أن يُنظر إلى أهلك، كذلك الناس لا يحبون ذلك، والله عز وجل لا يرضى هذا؛ لأن محارم الناس هي محارم الله، والله حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015