في الحديث عن عبد الله بن عمر قال: (أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهه فقال: يا معشر المهاجرين والأنصار! خمس بخمس، أعوذ بالله أن تدركوهن: ما ظهرت الفاحشة في قوم حتى أعلنوها إلا ابتلوا بالطواعين والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم) الفاحشة أي: الزنا، إذا أُعْلِنت وظهرت سلط الله عليهم أوجاعاً وأمراضاً لم تكن في أسلافهم، وقد رأيت هذا ماثلاً أمام عيناي وأنا في أوروبا قبل أسبوع، حينما ظهرت الفاحشة التي يمارسونها علناً، من غير إنكار، والذي ينكر عليهم يدخل السجن، وكنا في المطار جالسين وإذا برجل خبيث منهم يمسك بواحدة ويضمها أمام الناس، ونحن جالسون ننتظر الطائرة، فتغيرت، وقمت وقلت: سأذهب لأتكلم عليه ومعي واحد من الإخوة المسلمين هناك، أمسكني وقال: اجلس.
قلت: ماذا بك؟ قال: دَعْه.
قلت: يا أخي كيف؟! أما نتكلم ونأمر؟! قال: اسكت، لأنك لو قلت له كلمة فسيدخلونك السجن الآن، أي: مباشرة (البوليس) يأخذك ويدخلك السجن، ويعاقبك بالسجن ربما إلى سنة أو سنتين، وربما تُعَزَّر.
قلتُ: لماذا؟! قال: لا يجوز لك أن تتكلم وتقول له: هذا حرام أو هذا لا يجوز.
قلت: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: (حتى أعلنوا بها).
لكن الإيدز أين هو؟! موجود عندهم، وبدأ الآن يصل إلى بعض بلاد المسلمين.
وقبل فترة اتصل بي شاب من الحرم، يقول: أنا جئت الحرم الآن، ولن أخرج منه! قلت: لماذا؟! قال: حلَّلتُ فقيل لي: عندك الإيدز، فتبتُ إلى الله، والآن هل لي من توبة؟ قلت: نعم.
لك توبة؛ لكن لا تقعد في الحرم، ارجع إلى بيتك، وسلم نفسك للسلطات الصحية حتى يوفروا لك علاجاً وحجراً صحياً؛ حتى لا ينتشر هذا الداء منك إلى غيرك، وتب إلى الله، ونسأل الله أن يتوب علينا وعليك.
ثم قال لي: أنا الذي أتيت به من الخارج، يقول: مارست الفاحشة هناك وأتيت به معي.
فهذا الذي يأتون به من الخارج! فبدلاً من أن يخرجوا إلى الخارج ليتعلموا الصناعة والعلم، ويأتوا إلينا بالعلم لننهض، يتعلمون الخمر والزنا، ويأتونا بالإيدز.
فلا إله إلا الله! (خمس بخمس أعوذ بالله أن تدركوهن: ما ظهرت الفاحشة في قوم حتى أعلنوا بها إلا ابتلوا بالطواعين والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا) رغم الوعي الصحي، ورغم التقدم الطبي، ورغم المستشفيات، ووسائل النظافة إلا أن الله يسلط عليهم الأمراض بأسباب الفاحشة: (وما نقص قوم المكيال والميزان -هذه الثانية- إلا ابتلوا بالسنين -أي: سنين الفقر والقحط- وشدة المئونة -أي: غلاء الأسعار- وجور السلطان -أي: ظلم الحكام- وما منع قوم الزكاة -هذه الثالثة- إلا مُنِعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا) لأن البهائم لها حق وما لها ذنب، فينزل شيء للبهائم، ما هو حق البهائم؟ هذا الذي يبل القشرة الأرضية، وينبت الزرع، فقط؛ لكن هل ينفع في الآبار؟! هل ينزل إلى الأعماق كي يعوض الماء الذي نأخذه الآن ونستنفذه؟ لا.
ما يأتي مطر غزير، بل يأتي مطر بهائم الرعي، تَخْضَرُّ الأرض شهراً أو شهرين أو ثلاثة لكي تأكل هذه المسكينة أما الناس ماذا يعملون؟ لا يستفيد الناس إلا من الماء الذي ينزل في الأرض، وتستفيد منه الآبار، ثم يزرعون ويسحبون الماء، أما هذا فلا يفعل شيئاً: (ولولا البهائم لم يمطروا -هذه ثلاث الرابعة-: وما نقض قوم العهد إلا سلط عليهم عدواً من غيرهم، فيستبيح بيضتهم، وما لم تعمل أئمتهم بكتاب الله إلا جعل الله بأسهم بينهم) أي: إذا لم تحكم الأئمة بكتاب الله حصل في الناس الافتراق، والاختلاف، والتحزب، والحروب الأهلية، والشقاق الذي هو موجود الآن، والنزاعات في كثير من بلاد المسلمين، وهذا تسليط من الله بسبب عدم حكم الأئمة بكتاب الله.
ونحن في هذه البلد نحمد الله أن ولاتنا يحكمون فينا بشريعة الله، ونسأل الله أن يعينهم على ذلك، وأن يزيدهم ثباتاً عليه؛ حتى نبقى في هذه النعمة التي يغبطنا عليها جميع أهل الأرض.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما طفَّف قوم كيلاً، ولا بخسوا ميزاناً إلا مُنعوا القطر، وما ظهر في قوم الزنا إلا ظهر فيهم الموت، وما ظهر في قوم الربا إلا سلط الله عليهم الجنون، ولا ظهر في قوم القتل إلا سلط الله عليهم عدوهم، ولا ظهر في قوم عمل قوم لوط إلا ظهر فيهم الخسف، وما ترك قوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا لم ترفع لهم أعمال، ولم يسمع لهم دعاء).