نسمع الكثير من الناس يقول: أما بالنسبة للجماعة فيما بينهم سهل، أم الكلام فهو على الأجنبي الذي يأتي من بعيد إنهم الجماعة وربي غفور رحيم! حتى لو كان أخاك من أمك وأبيك؛ لا يجوز له أن ينظر لزوجتك، لماذا؟ لأن أخاك أجنبي عن امرأتك، هو ابن ناس وهي بنت ناس، ولو طلقتَ زوجتَك لجاز لأخيك أن ينكح زوجتك من بعدك، فـ (الحمو هو الموت)، وليس معنى هذا: أن تقاطع إخوانك وجماعتك لا، فقط حجّب المرأة، والذي لا يصحابك إلا من أجل المرأة لا يحبك، بعض الناس ما يحب الرجل إلا إن كان يرى امرأته، فإن حجبها عنه قال: يحجب امرأته عني؟! قل له: أحجبها أتحبني من أجل المرأة؟ هذه محبة فاسدة.
وبعضهم يذهب إلى رجل أخرج له زوجته، ثم إذا أتاه ذلك الرجل قال لامرأته: اخرجي حيي الضيوف، قالت: إني أستحي، ولا أحب أن أدخل على الرجال، قال: اسكتي، أنا ذهبت عنده وامرأته رحبت بي ودعتني للغداء، فيدعو امرأته للتجمل لصاحبه، ويعتبره رداً على حسن الضيافة، ويقول لها: اذهبي وتجملي لضيوفي وقابليهم بوجه حسن، فمسكينة تذهب تلبس وتغسل وجهها بالصابون وتنظف نفسها وتنظر في المرآة وتقوم بتحية الرجال في المجلس والرسول يقول: (لأن يمس أحدكم جلد خنزير أولى من أن يمس جلد امرأة لا تحل له) يظن أنه إن لمسها في يدها فالأمر هين، ولكنه نار، وصعقة كهربائية.
الآن السلك الكهربائي سلك أحمر وآخر أسود، إذا التقى الأسود والأحمر ما الذي يحصل؟ (التماس كهرباء) وحريق، لكن إذا وصلنا السلك الأحمر والسلك الأسود إلى (الفيش) أيحصل حريق؟ لا.
هذا (الفيش) هو الزواج، يلتقي فيه الرجل السلك الأحمر بالمرأة (السلك الثاني)، يلتقون داخل الزواج، فلا يحصل حريق، يصبح وئام ولطف ورحمة، وينتج عنه ذرية صالحة، إما ولد أو بنت، أما إذا التقوا قبل الزواج كانت فتنةً وفساداً كبيراً لا يعلمه إلا الله تبارك وتعالى، وكذلك السلك العاري كيف تأمنه؟ تقوم بعزل السلك العاري ويقال: لف عليه حجاباً، فزوجتك هذا -يا أخي- سلك عار! تؤثر في قلوب الناس، ضع عليه مادة عازلة، والمادة هذه هي الحجاب، حجب هذه الزوجة، إن كانت جميلة فخلها لك -يا أخي- لا ينظر إليها الناس، وإن كانت قبيحة فاجعلها قسمك حتى لا يضحك منك الناس ويترحموا عليك ويقولون: (مسكين مع هذه الجنية)، وإن كانت جميلة قالوا: لا يستحقها! لا -يا أخي- إن كانت جميلة فقد قدرها الله لك، وإن كانت قبيحة فقد قدرها الله عليك، لأن المرأة كما يقول الناظم:
إن الرجال الناظرين إلى النسا مثل الكلاب تطوف باللحمان
إن لم تصن تلك الأسود لحومها أكلت بلا عوضٍ ولا أثمانِ
فإذا عدا كلب على لحمة آخر، فيكون هناك من يعدو على لحمته دون أن يعلم، ومن يزنِ يزنَ بأهله، يقول:
عفوا تعف نساؤكم في المحرمِ وتجنبوا ما لا يليق بمسلم
إن الزنا دينٌ فإن أقرضته كان القضا من أهل بيتك فاعلمِ
من يزن بامرأة بألفي درهمٍ في بيته يُزنى بغير الدرهمِ
إذا نظرت بعينك إلى الحرام جاء من ينظر لمحارمك من الحرام، وإذا غضضت بصرك عن الحرام صرف الله الأنظار عن محارمك، فاتق الله في محارم الناس يحفظ الله محارمك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (احفظ الله يحفظك) لكن إذا كان الرجل غيوراً على محارمه، ويريد من المرأة أن تتحجب، لكنه لا يحفظ حرمات الآخرين فإذا دخل على النساء القعود سلم عليهن وجلس معهن، وإذا ذهب إلى البيت قال: لا تكشفي على الرجال؟ لا يمكن أن تلتزم زوجتك بالحجاب إذا لم تلتزم به أنت، الزم نفسك أولاً بالاحتجاب عن النساء، إذا دخلت على النساء وهن أمام الرجال كاشفات فانهرهن، وقل لهن: اتقين الله، ارجعن وتحجبن، استحي يا امرأة!! تقولها هكذا بصوت قوي، فإذا رفضت النساء الاحتجاب عنك فتحجب أنت، غض بصرك؛ لأن الله يقول: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور:30] استجب لله إذا عصت هي، حتى بعد ذلك تخجل هي، وزوجتك إذا علمت أنك ألزمت نفسك بالحجاب لا يمكن أن تتفرج على غيرك، لماذا؟ لأنها أمنت جانبك، فهذا المنكر -أيها الإخوان- منكر مستطير، وفسادٌ كبير واقع فيه أكثر الناس، ولكن لا يصعب تجنبه، المؤمن يحمل هذا ويتوكل على الله ويجتهد والله معه، أما ضعيف الإيمان مهزوز العقيدة فإنه يسمع ولكن يقول: والله! إني لا أستطيع، لماذا لا تستطيع الامتثال لأمر الله؟ {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [البقرة:85].
أسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلنا وإياكم من عباده الصالحين، وأن يرزقنا وإياكم إيماناً صادقاً، وعملاً صالحاً، ويقيناً خالصاً، حتى نعلم أنه لا يضرنا ولا ينفعنا إلا هو، إنه على كل شيء قدير.