أيضاً: صبر يوسف عليه السلام صبراً عظيماً في البئر، وصبراً عظيماً في السجن، وصبراً عظيماً عندما عرضت عليه الفتنة عن طريق امرأة العزيز، ولكن كان يقول: {مَعَاذَ اللَّهِ} [يوسف:79] صبر حتى أخرجوه من السجن، ويقول: ارجع إلى ربك -الآن السجين إذا أخرجوه لا يقول شيئاً، بل يكبر ويصيح ويخرج يريد الفرج- والله ما أخرج إلا ببراءة، اتركوني مكاني مدى الحياة، لماذا؟ {قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ} [يوسف:50].
فلما سألهن، قلن: نعم حصحص الحق، والله إنها راودته عن نفسه، وما علمنا عليه من سوء، وأخذ بها شهادة وخرج عليه الصلاة والسلام، يقول عليه الصلاة والسلام: (رحم الله أخي يوسف) أي: لو كان غيره لكان خرج بدون أن يسأل؛ لأنه مكث في السجن بضع سنين ليس يوماً ولا شهراً ولا سنة، بل بضع سنين وهو جالس في السجن والمعاناة، ولكنه صابر صلوات الله وسلامه عليه وعلى سائر الأنبياء.