Q أنا شاب في زهرة الشباب، وفي أفضل مراحل عمري، وفي طريق طيب وهو العلم، ولكن ابتليت بشرب الدخان، فما تنصحني به؛ لأنني لا أحتاج إلا إلى نصيحة، لا أحتاج إلى غيرها، بين لي حكم شربه وانصحني وانصح شباب الأمة وثروتها؟
صلى الله عليه وسلم الدخان حرام وأدلة تحريمه سبعة: الدليل الأول: أنه خبيث والله يقول: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف:157] هل بقي بعد هذا الدليل دليل -يا إخواني- عندما تعرف أنه خبيث والله يقول: {يُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف:157] ويقول: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} [المائدة:5] أي: أن الخبائث محرمة عليكم.
الدليل الثاني: أنه مسكر ومفتر: (ما أسكر كثيره فقليله حرام) وفيه مادة مخدرة، لكنها قليلة لا تقضي على المخ، ولكن يقول العلماء: لو أن مدخناً أخذ سجارةً ومصها مصاً متواصلاً إلى أن ينهيها ثم أشعل الثانية ثم أشعل الثالثة ثم الرابعة لا يكمل خمساً أو ستاً إلا وهو إما ميت بفعل النوكوتين أو مصروع بفعل المواد المسكرة، لكن لما يتناول قليلاً ويتركها قليلاً ثم يمصها لا يأتيه سكر لكن: (ما أسكر كثيره فقليله حرام) وضربوا على هذا -مثلاً- لو أن إنساناً أخذ كوب خمر ثم أخذ منه ملعقة وتركها على حليب وشربها لا يسكر، لكن ما حكم الحليب هذا بكوب بملعقة خمر؟! حرام، لكن لو شرب كوب الخمر كله يسكر: (فما أسكر كثيره فقليله حرام).
الدليل الثالث: أنه مضر بالصحة، إذ أنه يسبب للإنسان أمراضاً كثيرة أهمها سرطان الرئة والتهاب القصبة الهوائية والتهاب الرئتين واسوداد الشفتين، وازرقاق العينين، وتسود الأسنان، وبعد ذلك انهيار القوى، والضعف، والحدة في المزاج، واتساع حدقة العينين، واحمرارهما، فترى المدخن أقل شيء يزعجه؛ لأن النار تشب في منخره وعقله -والعياذ بالله- فهذه مضرة، ومادام أنه مضر وجب الحذر منه ومن كل المضرات؛ لأن الله يقول: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً} [النساء:29].
الدليل الرابع: أنه تبذير وإسراف، والله قد نهى عنه وقال: {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ} [الإسراء:27] والمبذر الذي يضيع ماله، لو أني أخذت مائة ريال ومزقتها الآن ماذا تسموني؟! مجنون مبذر، كيف تمزق مائة ريال؟! لكن لو ذهبت اشتريت بها كرتون دخان وشربته ما أنا مبذر؟!! لا.
ولا مجنون واحد؟! بل مائة مجنون، لماذا؟! لأن الذي أحرق أو مزق الريال ارتكب واحدة، لكن ذاك الذي اشترى دخان أذهب الريال، وأحرق صدره، وأغضب ربه، وأزعج ملائكته، وشوش على صحته، من أجل ماذا؟! من أجل دخان طالع نازل، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فلا يجوز أن تبذر؛ لأن الله لا يحب المسرفين.
الدليل الخامس: أنه لا يبسمل عنده، لا يذكر عليه اسم الله؛ لأن الله يقول: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام:121] ما سمعنا مدخناً قال: بسم الله الرحمن الرحيم، ومادام أنه لا يسمي الله عليه فلا يأكل منه.
السادس: أنه لا يحمد الله عند خاتمته، إذا أكلت قلت: الحمد لله الذي أطعمني وسقاني من غير حول مني ولا قوة، ولكن لم نسمع ولن نسمع شخصاً ينتهي من السجارة ويقول: الحمد لله الذي أطعمني، ماذا أطعمك؟! النار! تحمد الله على النار! لا إله إلا الله! الدليل السابع: أنه يعلم صاحبه خصلة من خصال الحيوان لا تليق بالإنسان، وهي أن الإنسان إذا أكل طعاماً ثم بقي منه فضلة فإنه يرفعه، أما شارب الدخان فإنه إذا شرب الدخان ثم بقي منه شيء فإنه يدوسه بقدمه، ولا يصنع هذا إلا الحيوان، إذا فرغ من العلف داسه وبال عليه، وهذا إذا انتهى من السجارة داسها برجله أمام الناس، لماذا يدوسها؟! كي لا تحرق الأرض؛ لأنه عارف أنها لو ظلت تحترق عملت حريقة في المجتمع أو في سيارة أو مستودع أو أي شيء.
فنقول لك يا أخي الكريم يا من تعيش في زهرة شبابك، وتعيش في أحسن مراحل عمرك، وفي طريق العلم الشريف، ربما أنك طالب في الشريعة أو أصول الدين أو أي مجال من مجالات العلم، ننصحك نصيحةً ونرجو الله أن تدخل قلبك، ونقول لك: اترك الدخان، واعتصم بالله، وكن صاحب إرادة قوية، وانتصر على نفسك وعلى سيجارتك، وستعاني يوماً أو يومين أو ثلاثة من جراء العادة وطغيانها، لكن إذا تحررت عن العادة فسوف تمر بك أيام وليالٍ ثم تشعر بأنك طليق من العادة، ولا لها أي ضغط عليك، وتحمد الله الذي نجاك من هذه الشغلة.
والله أعلم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.