أيها الإخوة! في الجنة من النعيم ما لا يتصوره العقل, أنت يا أخي في الله! يا أيها المؤمن! الملتزم بدين الله لا تتصور وأنت تترك المعاصي والشهوات أنك خسرت شيئاً، لا والله, والله ما تترك شيئاً من أجل الله إلا عوضك الله في الجنة ما هو أعظم منه, إذا غضضت بصرك عن النساء في الدنيا فتح الله بصرك للنظر إلى وجهه في الدار الآخرة, وأيضاً فتح بصرك للنظر إلى الحوريات في الجنة، اثنتين وسبعين حورية, الواحدة منهن خير من الدنيا وما عليها, إذا حصنت سمعك من سماع الأغاني في الدنيا تسمع يوم القيامة خطاب رب العالمين، يحدثك الله عز وجل كما يحدث أحدكم الآخر, وتكلم الله ليس بينك وبينه ترجمان, وتسمع أيضاً غناء الحور العين, ورد في الحديث: (أن الله عز وجل يركب في ورق الجنة مزامير من مزامير آل داود، ثم تهب ريح من تحت العرش يقال لها المثيرة, هذه الريح تمر على تلك المزامير فتعزف بألحان ما سمعت بمثلها الآذان, ثم يغني الحور العين على أنهار وضفاف حضيرة القدس يسبحن الله بكرة وعشياً, فيطرب أهل الجنة طرباً لم يطربوا مثله قبله ولا يطرب أحد مثله) هذه الأيام إذا لم تسمع الأغاني قالوا: أنت معقد, لماذا لا تسمع الأغاني؟ اسمع أغاني ومتع نفسك لكن تذكر الأغاني هناك, أما هؤلاء الذين يسمعون الأغاني التي حرمها الشرع سماهم الرسول صلى الله عليه وسلم كلاب أهل النار, جاء عمرو بن قرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: (يا رسول الله! ائذن لي في دفي بكفي -أي: ائذن لي بضرب الدف بالكف من أجل الكسب- يقول: ما وجدت كسباً غير هذا؟ قم قاتلك الله، ثم قال لما ولّى: هؤلاء وأمثالهم -أي: هذا المغني وأمثاله- يبعثون يوم القيامة عرايا لا يستترون بهدبة، كلما قاموا صرعوا) فأنت لا تخسر شيئاً ولكن تخسر الشر, والهون، وتكسب الرضا في الدنيا والآخرة, والخلود في جنة عرضها السماوات والأرض (فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر).