هذا اليوم يوم عظيم سمي بأسماء كثيرة في القرآن الكريم: يوم القيامة, يوم الآزفة, يوم الزلزلة, الطامة, الصاخة, القارعة, لماذا؟ لأنه يحصل فيه تغيير لمعالم الكون المشهودة التي نراها الآن ويتبدل كل شيء, قال تعالى: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ * وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ} [التكوير:1 - 2] وقال تعالى: {إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ * وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ * وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ * وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ} [الانفطار:1 - 4] وقال سبحانه: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ * وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ} [الانشقاق:1 - 3] فكل شيء يتغير, ولا يبقى مكانه, فيحصل للإنسان رهبة وخوف, فالآن لو هبت رياح أو أعاصير أو طغى البحر على البر كيف يكون الناس؟! كيف يكون خوفهم، فكيف إذا رأوا السماوات والأرض تدمر، والشمس تكور، والبحار تسجر؟!! يقول الناظم في هذا المعنى:
مثل لنفسك أيها المغرور يوم القيامة والسماء تمور
قد كورت شمس النهار وأدنيت حتى على رأس العباد تسير
وإذا الجبال تقلعت بأصولها ورأيتها مثل السحاب تسير
وإذا البحار تأججت نيرانها ورأيتها مثل الحميم تفور
وإذا الوحوش لدى القيامة أحضرت فتقول للأملاك: أين نسير؟
فيقال: سيروا تشهدون فضائحاً وعجائباً قد أحضرت وأمور
وإذا الجنين بأمه متعلق يخشى الحساب وقلبه مذعور
هذا بلا ذنب يخاف لهوله كيف المقيم على الذنوب دهور؟
فمن هول يوم القيامة يكون الولدان شيباً، الولد الصغير يشيب، فكيف أنا وأنت؟ قال سبحانه وتعالى: {يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيباً} [المزمل:17] وقال تعالى: {السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً} [المزمل:18] وقال سبحانه: {يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} [الحج:2] وقال سبحانه: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ} [الأنعام:30] وقال سبحانه: {إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ * يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [غافر:18 - 19].