ومدة الرحلة تسعة أشهر في الغالب, تبدأ باللقاء بين الرجل والمرأة, حين يفرز الرجل هذه الحيوانات المنوية وتفرز المرأة بويضة, والبويضة هذه تفرز على مدى الدورة الشهرية، في كل دورة شهرية تفرز بويضة واحدة, ويكون هناك فترة للإخصاب يعني: تكون المرأة قابلة للحمل, وتكون البويضة حية, يأتي الرجل امرأته الحلال وتتسابق تلك الحيوانات المنوية إلى تلك البويضة المستقرة في أعلى قناة يسمونها: قناة فالوب، وهي ليست قناة فالوب إنما الله هو الذي خلقها ولكن فالوب هو الذي اكتشفها, وتعلق بهذه البويضة القناة وسماها الله: قراراً مكيناً {ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ} [المؤمنون:13] يعني: محمي محفوظ, يقذف الرجل في الدفقة الواحدة أعداداً هائلة من الحيوانات المنوية، قد تصل في بعض الأحيان إلى 400 مليون حيوان منوي, يموت معظم هذه الملايين في الطريق ولا يصل إلا القوي, فإذا وصل أول واحد عند البويضة أغلقت عليه, وتأتي البقية تدور حولها فلا تلقى مكاناً فتموت بعد ربع ساعة إلا الذي دخل البويضة فإن الله يكتب له الحياة.
ويختلط هذا الحيوان المنوي مع تلك البويضة ويبدأ التشكيل الإنساني يقول الله عز وجل: {هَلْ أَتَى عَلَى الْأِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ} [الإنسان:1] (هل) هنا ليست استفهامية ولكنها تقريرية بمعنى: قد أتى {لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً} [الإنسان:1] فأنت عمرك الآن ثلاثون سنة, اسأل نفسك قبل ثلاثين سنة: ماذا كنت؟ لم تكن شيئاً مذكوراً, وبعدها كيف جئت؟ قال الله عز وجل: {إِنَّا خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً} [الإنسان:2] أمشاج: أخلاط, نبتليه: نختبره.
بعد ما يحصل هذا الاختلاط والامتزاج بين النطفة والبويضة تستمر أربعين يوماً وهي على حالتها لا تتغير, بعد أربعين يوماً تتطور وتنتقل من مرحلة النطفة إلى مرحلة العلقة فتصير لحمة على شكل علقة, والعلقة: دابة تعيش في المياه الراكدة, يعرفها أهل القرى، وسميت علقة؛ لأنها تعلق في ألسنة المواشي والبقر إذا شربت من الماء, ولقد رأيتها بعيني مثل تلك العلقة بالضبط التي أخبر الله عنها, وقد رُصدت حركة تكون الجنين منذ كونه نطفة إلى أن يخرج من بطن أمه، وتقرر وتبين بالعلم الحديث أن خلق الإنسان يتم بتلك الخطوات التي جاءت في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم خطوة خطوة, مما يدل على أن هذا كلام الله, وأن هذا الرسول رسول من عند الله حقاً.