من أسس التربية: الرحمة والشفقة وزرع ذلك في الأسرة، ليس من الإسلام الغلظة ولا الشدة، ولا العبوس والاكفهرار دائماً في البيت، لا بد من اللين، لا بد من إيجاد رابطة بينك وبين أولادك، حتى يحبوك ويألفوك ويشتاقوا إليك وينتظروا الساعة التي تدخل فيها البيت، إذا دخلت فاحمل الصغير وداعب الكبير، واسأل عن ذاك، وخذ ذاك، وضم هذا نوِّع من المداعبة، قبِّل هذا؛ لأن هذا من السنة.
ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قبَّل الحسن والحسين، وكان عنده رجل من العرب اسمه الأقرع بن حابس، انظر الأسماء، وصحابي آخر اسمه القعقاع بن عمرو، طلب أحد قادة الجيوش مدداً من عمر بن الخطاب فأرسل القعقاع وحده، قال: إنك طلبتني مدداً فأرسلت إليك القعقاع وهو يعدل ألفاً، وإن جيشاً فيه القعقاع لا يهزم، اسمه فقط يقعقع قلوب الرجال، القعقاع بن عمرو، وهذا اسمه الأقرع بن حابس من رجال العرب ومن دهاتهم، فقال الرجل لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم يقبل: (أتقبلون صبيانكم؟ قال: نعم، قال: إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحداً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من لا يَرحم لا يُرحم).
إذا لم تقبل أولادك فمن يقبلهم؟ هل تريد أن يأتي شخص من الشارع يدق الباب ويسلم عليهم غيرك؟! قبِّل أولادك؛ لأن الرحمة واللين والعطف من أهم عوامل التربية، ولكن لا يعني هذا -أيها الإخوة- ألا يكون للرجل جانب حزم وهيبة ومكانة في قلوب أهله، يجب أن يجمع الإنسان بين اللين والحزم، فيشد ويحزم ولكن من غير عنف، ويلين ويهون ولكن من غير ضعف؛ إذا رأى الحق لان، وإذا رأى الخطأ أو الباطل حزم، هذا هو المنطق الشرعي في تربية الأولاد.