العدو الثاني، والجبهة الثانية: هي جبهة النفس: نفسك أنت.
نفسي ضدي؟! نعم.
لا إله إلا الله! إذاًَ من هو الذي معي! ما دام أن الشيطان ضدي، ونفسي ضدي؟! أي: أنك أنت ضد نفسك! يقول الشاعر:
إبليس والدنيا ونفسي والهوى ما حيلتي وجميعهم أعدائي
لك حيلة مع نفسك! أن تتحرر وتتمرد على نفسك.
النفس البشرية خالقها هو الله، يقول الله عز وجل: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا} [الشمس:7] أي: وما خَلَقَها وفَطَرَها وأَوْدَعَها، {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس:8 - 10].
نفسك هذه التي يُتَحَدَّث عنها أعظم حديث، الذي يتحدث عنها هو خالقها تبارك وتعالى؛ لأنه أعرف بصنعها: {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ} [الملك:14].
هو صانعها.
الجهاز مَن يعرف مشاكله وعطله، ويعرف إصلاحه إلا شركته الصانعة أليس كذلك؟! وإذا خرب أعطيناه للذي صنعه؛ لكنه إذا خرب وأعطيناه لغير صانعه أفسده.
وإذا خرب المسجل وأعطيناه لمهندس السيارة، وقلنا: أصلحه، فقام وشحَّمه ونفخه هواءً.
ما رأيكم؟! يصلح المسجل أم يخرب؟! يخرب؛ لأنه ليس هو الذي صنعه.
وإذا خربت ساعتك وأعطيتها للنجار، فقام وأدخل فيها مسماراً في الوسط، فإنه يفسدها.
كذلك النفس البشرية، مَن الذي خلقها؟! الله.
ومَن الذي يعالجها ويصلحها؟! الله.
وإذا أعطيناها لغير الله، ماذا يحصل؟! تفسد.
ولهذا النفس البشرية اليوم فَسَدَت؛ لأنها عُوْلِجَت عند غير خالقها.