الخطأ الثالث من بعض الزوجات: الاستنكاف وعدم الطاعة للزوج، والشعور بالأنفة، واعتبار طاعتها للزوج نوعاً من الامتهان والاحتقار لكيانها.
وهذا الوهم والخطأ يأتي أيضاً من مشاهدة بعض النساء للأفلام والمسلسلات، وسماعها للأفكار التي ترد من بلاد الكفار والتي توحي للمرأة أنها كالرجال وأن من حقوقها أن تمارس كل ما يمارس الرجل، وأنه ليس للرجل عليها سلطان ولا هيمنة، هذه أفكار ليست من الإسلام -أيها الشباب وأيها الرجال وأيتها النساء- الإسلام جعل القوامة للرجل، ليس تفضيلاً، ولكن تحميلاً للمسئولية؛ لأن هندسة الأسرة تقتضي وجود مسئول، إذا لم يوجد مسئول في الأسرة تضيع الأسرة، مثل المدرسة أليس فيها مدير؟ هل تصلح مدرسة بلا مدير؟ لا تصلح، ولهذا حين يغيب المدير يوماً واحداً تنظر المدرسة كلها والمدرسين كلهم خارج المدرسة والفراشين يذهبون وكذلك الطلاب، تقول: ماذا هناك؟ يقولون: المدير لم يحضر اليوم، لكن إذا جاء المدير كل شيء يكون مضبوطاً؛ لأن الدفتر عنده، والأوراق عنده، والتلفون عنده، والتقييم عنده، كذلك السيارة هل تمشي بدون سائق؟ لا.
وهل تصلح مدرسة بمديرين؟ لا.
هل تصلح سيارة بقائدين لها؟ نصنع سيارة ثم نضع فيها مِقْوَدين ونقول تحركا، هذا يريد أن يذهب يميناً وهذا يريد أن يذهب شمالاً، كيف ستمشي السيارة؟ لا بد من قائد واحد، كذلك الوزارة هل يصلح فيها وزيران؟ لا.
لا بد من وزير واحد، يصلح نائب الوزير لكن الوزير واحد فقط، وإذا كان وزيران فسدت الوزارة؛ لأن هذا يصدر قراراً وذاك يلغيه فتفسد، والدولة هل يصلح فيها ملكان؟ لا.
بل ملك وولي عهد، رئيس جمهورية ونائب رئيس الجمهورية، بل الكون كله هل يصلح فيه إلهان؟ لا.
يقول الله: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء:22]، وفي الآية الثانية يقول: {إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} [المؤمنون:91] فالكون محكوم بإله واحد، وتبدأ المسئولية من الأسرة محكومة الأسرة بمن؟ بمسئول واحد، من المؤهل أن يكون صاحب القرار في الأسرة: الرجل أو المرأة؟ إنه الرجل، لا نقول هذا استبداداً أو استعلاء، ولكن الله عز وجل خلق الرجل وجعله وأعطاه صلاحيات يصلح أنه يكون رب الأسرة، فعنده ميزان، وعنده القوة، وعنده القدرة، وعنده الشجاعة، وعنده التصرف، فلو كنت نائماً أنت وزوجتك في البيت وبينما أنتما نيام وإذا بكم تسمعون صوتاً فوق البيت أو فتح باب، من الذي يقوم؟ الرجل أو المرأة؟ المرأة ستقول له: قم هناك صوت، إذا قال: اذهبي وانظري، سوف تقول له: أنت الرجل قم، ولهذا تجد المرأة إذا جاءها خاطب وقيل لها: هذا الزوج متدين، وجميل، وثري، وكل ميزات الزوج فيه، غير أن فيه خصلة واحدة، قالوا: ماذا فيه؟ قالوا: ضعيف الشخصية جبان، ماذا تقول المرأة؟ تقول: لا أريده ما دام أنه جبان وضعيف الشخصية، أنا أريده رجلاً ولا أريد امرأة مثلي فتطرده؛ لأنها تبحث عن هذا.
وكذلك الرجل إذا جاء يريد أن يتزوج امرأة فإنه يريد امرأة لا يريد رجلاً مثله، ولهذا إذا قيل له: هذه امرأة جميلة ودينة، لكنها مترجلة، كأنك تنام مع رجال، قال: لا والله.
لا أريد رجلاً أريد امرأة.
فكذلك الحياة الزوجية تقتضي طبيعتها أن يكون لها آمر، الآمر من هو؟ الزوج، والمأمور من هو؟ الزوجة، فلا بد من الطاعة، أليس المدرس يطيع المدير؟ لأن المدير لديه حق التصرف الإداري لضبط الأمور، فالحياة لا تستمر إلا بالطاعة، وكذلك الحياة الزوجية لا تصلح إلا بالطاعة.
فنقول للأخت المسلمة: إذا أردت أن تنجحي في حياتك الزوجية فاسمعي وأطيعي لزوجك، ولهذا يقول عليه الصلاة والسلام وهو يبين أن طاعة الزوجة تبلغها الجنة، -وهو في مسند أحمد - يقول النبي عليه الصلاة والسلام: (أيما امرأة صلت خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت) فطاعة الزوج ربع الطريق إلى الجنة، وليس بأمر هين فلا بد أن تطيعي زوجك.
ومعنى الطاعة ليست الطاعة فيما تحب المرأة، إذا أطعتيه فيما تحبين فلست طائعة، ولكن الطاعة له فيما تكرهين أيضاً، يقول لك: نمشي عند آل فلان وأنت لا تريدين ذلك، فتقولي: حسناً أو جاء عنده ضيوف فعليها أن تقوم بواجب الضيافة، الله يحييك ويأتي بهم، فماذا يصير بعد هذه الطاعة؟ عندما تطيع المرأة الزوج دائماً فإنه يتحول هو إلى أن يكون عبداً لها.
لكن إذا كانت الزوجة عاصية لزوجها فإنه سيستخدم معها أسلوب العناد ثم الطلاق، فإذا طلقها فإنها ستندم حين لا ينفع الندم.
إن الطاعة مطلوبة من المرأة، قد تقول المرأة: إن هذا امتهان، لا.
أبداً، إن طاعتك له تجعله عبداً لك.
لقد زفت امرأة من نساء العرب ابنتها إلى زوجها، وأوصتها في ليلة العرس وقالت: يا ابنتي! لو أن أحداً يستغني عن الرجال بأبيه لكنت أغنى الناس بأبيك -لأنها بنت رجل- ولكن للرجال خلق النساء وللنساء خلق الرجال، لا تريد المرأة إلا زوجها، لو جلست في بيت أهلها ثلاثين سنة كأنها غريبة كأنها على جمر، إلى أن يأتي فارس أحلامها وتذهب معه، فما تعيش المرأة إلا مع زوج، ثم قالت لها: يا بنيتي! إني أوصيك بوصايا فاحفظيها عني تسعدي في حياتك: كوني له أمةً يكن لك عبداً، كوني له أمة يعني: قينة، فالقينة عند سيدها أي شيء يقول لها، فتقول له: حاضر سيدي، كذلك الزوجة عند زوجها مثل القينة، ماذا يصير هو بعد ذلك؟ يكن لك عبداً، عندما تطيعينه مرة ومرتين وعشراً وثلاثين ويعرف منك هذه الطاعة فإنه يستحي أن يكون سيئاً معك، فلا بد من أن يكون طيباً، يطيعك مثلما أطعتيه ويعطيك ما تطلبينه؟ لأن المبادرة منك أنت.
كنت قبل فترة في الصيف الماضي في أبها، واتصلت بي امرأة من المدينة تشكو عليَّ من زوجها وقسوته وسوء معاملته، فسألتها عن تصرفاتها، فوجدت أنها هي السيئة، فقلت لها: الخطأ منك، قالت: هذه طبيعتك؛ لأنك ضد النساء، فأنت تحملنا دائماً الخطأ، قلت: ومن أنتِ حتى أحملك، أنا لا أعرفك يا بنت الحلال ولا أعرف زوجك، لكن أنا ناصح مخلص لك، أنا أعطيك وصفة استخدميها لمدة شهر، وبعد شهر أخبريني بالنتيجة وسوف نرى من المخطئ أنا أو أنتِ، قالت: هات، قلت: من الآن من حين يدخل لا تسأليه أين كنت؟ لأنها كانت تقول له كلما دخل: أين كنت؟ وتمكث تحقق معه نصف ساعة مثل الضابط مع العسكري، فيقول: أنا أدخل بيتاً أو أدخل سجناً.
بعد ذلك أي شيء يأتي به من السوق ولو يأتي بتراب، فيعطيك إياه قولي: (الله يوفقك)، (الله يعطف عليك)، (الله يملأ يدك)، عظمي الذي يأتي به؛ لأن بعض النساء لو تأتي لها بالهلال قالت: إنك لا تحسن أن تشتري، إنك دائماً لا تشتري إلا الرخيص، فيقول بعد ذلك: والله لا أشتري لها شيئاً، لكن عندما تشتري لها شيئاً رديئاً وتأتي به وتقول: (الله يوفقك)، فسيذهب ويشتري لها أفضل؛ لأنه يجد تقديراً لهذا العمل.
فقلت: أولاً إذا أتى لك ولو يأتي بالتراب قولي: طيب جيداً، وأي أمر يوجهه إليك قولي: حسناً، أي شيء ولو يقول: أمسي واقفة ولا تنامي، قولي: حاضر، لا يسمع منك كلمة لا، وبعد شهر أخبريني، قالت: حاضر.
وبدأ الصيف في أبها، وبحثت بعد شهر في مكة، وبحثت عن التلفون الذي اتصلت به فلم تجده، وأخيراً تسأل حتى وجدت الهاتف النقال، واتصلت بي وأنا في أبها، قالت: إني أخبرتك قبل أشهر من المدينة وبعد شهر اتصلت بك يا شيخ في مكة لكن ما وجدت تلفونك وأخذت رقمك من المركز الدعوي والإرشاد في المدينة، قلت: خير إن شاء الله ماذا الذي حصل؟ قالت: الله يجزيك عني خيراً، قلت: ماذا الذي حصل؟ قالت: والله إن زوجي الآن صار مثل اللبانة في فمي، ومثل الخاتم في يدي، أشكله كما أريد، بماذا؟ قالت: بتوصياتك، صرت طائعة وصار أطوع مني، وصرت طيبة وصار أطيب مني، تقول: حتى البيت ما كان يحب البيت يدخل في غرفة لوحده، الآن تقول: إذا عنده حصة فراغ وهو مدرس تقول، حصة فراغ (45 دقيقة)، يخرج ويركب السيارة ويذهب إلى البيت يقضيها مع زوجته حصة الفراغ فكيف بطول اليوم تقول: لا يخرج، لماذا؟ لأنه وجد السكن.
فبعض النساء تقول: زوجي يسهر، وزوجي يذهب مع رفقائه، زوجك أعانه الله يهرب منك، ولكن لو أنك طيبة والله لا يتخذ له رفيقاً فأنت الرفيق وأنت الصاحب وأنت الحبيب، لماذا؟ إذا صرت أنت طيبة، إنما إذا دخل ونظر إلى المشاكل من حين أن يدخل، وهي تتلفت فيه، ماذا بك تأخرت؟ لقد شغلك رفاقك عنا إنك تروح وتذهب، ولا تأتي بشيء، دائماً يداك خاليتان، أين العشاء؟ اذهب واشتر العشاء من السوق! هل تصلح هذه الزوجة؟ فيذهب ليبحث عن رفقائه ويهرب منها ولا يأتي إلا آخر الليل، إذا علم أن زوجته قد نامت، دخل بهدوء من أجل ألا تصحو فتقوم تشتمه من حين تعلم أنه جاء، فهذه تحول البيت إلى جحيم -والعياذ بالله- فهذه المرأة قالت لي: جزاك الله خيراً، والله أنا اتبعت وصيتك ونجحت نجاحاً كبيراً، قلت: الحمد لله.
لقد قالت المرأة لبنتها: (كوني له أمةً يكن لك عبداً، وكوني له أرضاً يكن لك سماءً، وكوني له مهاداً يكن لك عمادا، ثم قالت: واحفظي عني عشر خصال: الصحبة بالقناعة -ليس هناك طمع، فإن المرأة إذا طمعت في زوجها وفي أمواله يكرهها؛ لأنه يعتبرها عدوة، فاقبلي ما جاء به إن أتى بعشرة أو إن أتى بألف فاقبليه- الصحبة بالقناعة، والمعاشرة له بالسمع والطاعة) فهاتان اثنتان، والتفقد لموضع عينه وأنفه فلا يرى منك قبيحاً، ولا يشم منك إلا أطيب ريح؛ لأن الزوج يؤذيه المنظر القبيح ويؤذيه أيضاً الريح القبيح، يريد أن يشم المرأة وكأنها مزهرة أو كأنها ريحانة، لكن بعض النساء ريحهن منتنة إذا جاءت عندك هربت من ريحتها -والعياذ بالله- البصل والثوم والوساخات في رأسها، فإذا جاءت تريد أن تخرج لبست من أجل أن تذهب للحفل أو تذهب لحفلة الزواج، فلا بد من الاستعداد أقل شيء نصف ساعة قبل أن يأتي من عمله هذه النصف الس