Q أنا رجل في الأربعين من عمري، أحب أهل الخير ومجالستهم، ويشهد الله على ما في قلبي؛ ولكنني أحلق لحيتي وأطيل ثوبي، فهل يعتبر هذا مخالفة للشرع؟
صلى الله عليه وسلم يا أخي الكريم! يا من تجاوزت الأربعين! ويا من بلغت أشدك وقربت من النزول؛ لأن الدنيا مثل الجبل، صعوداً إلى رأس الجبل، ثم تنزل من الجهة الثانية، فبعد الأربعين قد بلغ المرء أشده، يعني: لم يعد هناك صعود إلى فوق، لم يعد إلا نزول، فأنت الآن صعدت إلى القمة والآن ستنزل إلى الحضيض.
وأيضاً رزقك الله حب أهل الخير ومجالستهم، فإن حب الخير حب لله، وحب أهل الخير حب لله، ومجالسة أهل الخير مجالسة لله، والشر كل الشر في كراهية أهل الخير، والسوء كل السوء في الإعراض عن أهل الخير.
كن عالماً أو متعلماً أو محباً أو مجالساً، ولا تكن الخامس فتهلك، وهو المعرض والكاره والعياذ بالله.
وما دمت تحب أهل الخير وتجالسهم، فلم يبقَ عليك إلا أن تعمل، ومِن العمل أَلا تحلق لحيتك، وألا تسبل ثوبك، فإنك إن حلقت لحيتك وأسبلت ثوبك فقد وقعت في مخالفة شرعية؛ لأن الأحاديث والأوامر جاءت بالنهي عن حلق اللحية، وجاءت بالنهي والتحريم عن إطالة الثوب بالإسبال، فماذا ينفعك حلق اللحية؟ يعني: بمن تريد أن تتشبه؟ لماذا تعرض نفسك للعذاب وأنت في غنى عنه؟ الذي يحلق لحيته يجد مشكلة مع لحيته، يريد أن يخصص لها كل أسبوع نصف ساعة إن كان بيده، وإن كان عند الحلاق فساعتين، ذهاب إلى الحلاق، وجلسة، وانتظار، ودبغ للحيته، ثم حلق، ثم نقود! ولِمَ كل هذا؟ دع وجهك يا أخي مليئاً، لحيتك في وجهك بدون تعب، هذا في الدنيا، وأما عذابها: فلا شك أنك تخالف سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وتعرض نفسك للعذاب، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (من رغب عن سنتي فليس مني).
ولما رأى الرجلين اللذين كانا حليقين واللذين جاءا من اليمن وهما كافران، قال لهما بمجرد أن رآهما: (مَن أمركما بهذا؟ قالا: ربنا -يعنيان: كسرى- قال: أما أنا فقد أمرني ربي بإعفاء لحيتي وقص شاربي) فهي من أمر الله.
وقال: (خالفوا المجوس) (خالفوا المشركين) (قصوا الشوارب وأعفوا اللحى) (أكرموا اللحى (أرخوا اللحى) (أسدلوا اللحى).
وأنت رغم كل هذه الأوامر تحلق لحيتك؟ لماذا هذا يا أخي؟ ارفع عنها السكين، وأعلن معها الهدنة؛ فإنك بهذا تقيم سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
وكذلك إسبال الثوب من المَخِيْلَة، وإسبال الثوب سبب للعذاب، والحديث في صحيح مسلم: (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولا ينظر إليهم، ولهم عذاب أليم: -وذكر منهم- والمسبل إزاره)، فلا تسبل ثوبك، ولكن اجعل ثوبك إلى نصف الساق، فإن لم تقدر فإلى الكعب، أي: لك مساحة، من نصف الساق إلى الكعب، أكثرُ مِن نصف الساق غُلُوٌّ، دون الكعب وما تحته تفريطٌ، فلا تكن مُفْرِطاً ولا مُفَرِّطاً، بعض الشباب يرفع ثوبه فوق نصف الساق إلى ركبته، وبعضهم يرخيه إلى الأرض، والإسلام وسط وعدل، اجعل ثوبك في المستوى المعروف الذي أتاحته لك السنة، وأسأل الله لي ولك ولجميع المسلمين الهداية.