يأتيه الموت من الفراش {لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ} [الأعراف:41] وتصوروا كلمة (مهاد)! فيها تهكم، وسخرية، واستهزاء، وهل في جهنم مهاد؟ {وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ} [الأعراف:41].
يأتيهم الموت من الهواء والظل: {وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ} [الواقعة:43] والهواء: من سموم، والطعام: من زقوم، والشراب: من غسلين، والأنكال والسلاسل والأغلال، يغل الإنسان في النار -أعاذنا الله وإياكم منها وآباءنا وأمهاتنا وإخواننا وأخواتنا وجميع المسلمين- فتجمع أقدامه مع رقبته ويديه، يقول الله تعالى: {فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ} [الرحمن:41] ثم يقذف في النار.
نار تسود وجوه أهلها من ظلمة المعاصي، ينادون وهم في طباقها ودركاتها: يا مالك! قد أثقلنا الحديد، يا مالك! قد نضجت منا الجلود، يا مالك! أخرجنا منها فإنا لا نعود.
فلا يجيب عليهم، وعدم الإجابة فيه نوع من الرفض وعدم الاهتمام، قال العلماء: لا يجيبهم قدر الدنيا من يوم أن خلقها الله إلى يوم يفنيها مرتين، ثم يرد عليهم، يقول: {قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ} [الزخرف:77] يعني: مكانكم فيها، ليس هناك خروج، لماذا؟ قال: {لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ} [الزخرف:78].