وكان من ضمن هؤلاء المهاجرين أبو سلمة ابن عبد الأسد، زوج أم سلمة بنت أبي أمية أم المؤمنين فيما بعد؛ لأن أبو سلمة هذا ابن عبد الأسد مات، ولما مات قالت زوجته كلمة سمعتها من الرسول صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول: اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها إلا جبره الله في مصيبته وخلف عليه خيراً منها) تقول: فلما مات أبو سلمة تذكرت الدعاء، وقلت في نفسي: ومن هو خير من أبي سلمة؟! تقول: لا أحد في الدنيا مثل أبي سلمة لكنها قالته تصديقاً بكلام الرسول صلى الله عليه وسلم، وبعد أيام؛ بعد أن انتهت من العدة وإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم يخطبها، لتصبح زوجاً له وأماً للمؤمنين إلى يوم القيامة ما هذا الفخر العظيم! ولما اعتذرت قالت: (يا رسول الله! إني أغار -قالت: إني أغار وأخاف أن أكسر خاطرك أو أغضبك- وعندي صبية -أولاد- قال: أما غيرتك فسيذهبها الله، وأما أولادك فهم مع ولدي) اللهم صلِّ وسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأيضاً كان ضمن المهاجرين عثمان بن مضعون رضي الله عنه وأرضاه، ومصعب بن عمير الشاب العظيم الذي قتل شهيداً في يوم أحد، وعثمان بن عفان رضي الله عنه، ومعه زوجته رقية بنت محمد صلى الله عليه وسلم بنت خير البشر كانت أيضاً مهاجرة مع زوجها إلى الحبشة، وقد قال صلى الله عليه وسلم في عثمان وفي رقية: (إنهما أول بيتٍ هاجر في سبيل الله بعد إبراهيم ولوط) قال إبراهيم عليه السلام: {إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الصافات:99] فكان أول بيت هاجر بعد إبراهيم ولوط بيت عثمان بن عفان وزوجته رقية بنت محمد صلى الله عليه وسلم.