أما بالنسبة للصغار فإن مسئوليتهم تقع على آبائهم إذ لا ينبغي للأب إلا أن يبدأ أول ما يبدأ بتعليم ولده القرآن في هذا المسجد أو في غيره من المساجد الأخرى، وليكن حريصاً على متابعة حضوره، وعلى متابعة استفادته من المسجد، وأيضاً أن يكون لهذا التوجيه تطبيق في البيت ولا يكون فيه تصادم وتعارض بين ما يقال في البيت وما يقال في المسجد؛ لأنه إذا كانت توجيهات الشيخ وتعليماته قرآنية -من القرآن والسنة- وأوامر البيت ضدها، يحصل عند الولد اضطراب في فكره، فالأب يقول له شيئاً، والمدرس يقول له شيئاً، فلا يدري من يصدق؟ وأخيراً يحصل عنده ازدواجية في الشخصية وعدم ثقة في كلام أبيه أو في كلام الشيخ، حتى يغلب له أحد الأمرين، لكن إذا كان أبوه متعاوناً والمسجد أيضاً يربي فإن النتيجة -إن شاء الله- جيل قرآني صالح، وحتى لو مر على الولد في المستقبل فترة من فترات الطيش أو الضلال أو الانحراف، ولكن أساسه على القرآن، فإنه لا بد أن يرجع إليه؛ لأن الكلمات التي ننقشها ونقولها للصغار وهم صغار تنقش في قلوبهم، ويكون لها أكبر الأثر في مستقبل حياتهم بإذن الله عز وجل.
أما تركهم يلعبون في الشوارع فهذا والله ضرره على الآباء أكثر من مصلحته، فينبغي أن تأتي بولدك وتسجله وتضبطه بقوة كما لك قوة عليه في مدرسة النهار، فكل الآباء يضربون أولادهم على هذه المدارس، ولا يسمحون لهم بالتخلف عنها ولو يوماً واحداً، وإذا جاءهم الدفتر من المُعقب أن ولده غاب اليوم، يقطع جلد ولده، لكن لا يتابع ولده في العصر، بينما يجب أن يكون اهتمامك بولدك في العصر أكثر من اهتمامك بولدك في النهار؛ لأن مدرسة النهار يعينها درس العصر وهذا معروف، فمدراء المدارس يقولون: الطلاب الذين يدرسون القرآن في المساجد هم الأوائل عندنا في المدارس، ببركة القرآن؛ لأن الشيطان يأتي عند الأب والأم، ويقول: الولد لا يستطيع أن يذاكر الواجبات في الصباح مدرسة وفي العصر مدرسة، وفي الليل يذاكر، متى يلعب فيخلونه يلعب ويأتي في الصباح لا ذاكر ولا قرأ قرآنا ولا استفاد، ضايع من هذه ومن تلك لا حول ولا قوة إلا بالله.
هذه أيها الإخوة نصيحتي إليكم وإلى نفسي قبل ذلك بمذاكرة القرآن ومدارسته.