ومن نعم الله: نعمة العقل الذي هو مصرف لهذا الإنسان، فإذا سلب من الإنسان العقل كيف يتحول؟ إنه يفقد القدرة على التصرف السليم، فيتصرف تصرفات غير مسئولة أو غير معقولة، ويخاف أهله منه، يُكتِّفُونه ويجلسون عند رأسه، ويقولون: انتبهوا! لا يفتح الباب، لا يقفز من الشُّبَاك، انتبهوا! لا تجعلوا عنده كبريتاً، أبعدوا النار من عنده؛ لماذا؟ لأنه لا يضبط تصرفاته، ولهذا امتن الله علينا بهذه النعمة فقال: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [النحل:78].
فهذه الثلاث النعم لو سلبها الله من البشر، فلا عقول ولا أسماع ولا أبصار ماذا بقي معهم؟ بقيت كتل بشرية لا تعقل ولا تسمع ولا تبصر، فهل تصنع هذه الكتل حضارة؟ وهل تخترع مخترعات؟ وهل تركب الطائرات؟ وهل تصنع سيارات؟ وهل تبني العمارات؟ وهل تؤلف المؤلفات؟ وهل تبني الجامعات؟ وهل تنتج هذه الحضارات؟ لا.
لماذا؟ لأنه لا عقل يعقل ولا سمع يسمع ولا عين تبصر، ماذا بقي من الناس؟ بقي منهم الأشكال التي لا قيمة لها، لكن هذه النعم من الله تبارك وتعالى.
العقل نعمة من نعم الله الذي لا إله إلا هو؛ لأنه بمنزلة المصرف لك بحيث لا تمشي إلا في الصواب، فبغير العقل لا يدري ماذا يعمل الإنسان، فعليك أن تشكر الله على نعمة العقل.